السوريون في ذكرى التصحيح أكثر تمسكاً بمبادئهم الوطنية والقومية وأكثر تصميماً على دحر الإرهاب وإعادة الإعمار
كتب المحرر السياسي:
تحيي جماهير حزبنا، اليوم، الذكرى الرابعة والأربعين لقيام الحركة التصحيحية المجيدة، التي قادها القائد التاريخي حافظ الأسد، وسورية تتعرض لأشرس حرب إرهابية تكفيرية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من قبل، تستهدف القيم الإنسانية والمجتمعية للشعب السوري، وبناه التحتية ومؤسساته الخدمية، من مشافٍ ومدارس وجامعات ومصانع وشبكات مياه وكهرباء، من جهة، وإسقاط سورية، الدور والمكانة، وثنيها عن مواقفها الوطنية والقومية، وحرف بوصلة الصراع العربي الصهيوني، وتوجيهه باتجاهات أخرى مذهبية وطائفية وإثنية، لا تخدم إلا المخطط الصهيوأمريكي الرامي إلى تصفية قوى الممانعة والمقاومة، وتمزيق المجتمع العربي وتفتيت المنطقة والسيطرة عليها من جهة ثانية، والنيل من حزب البعث، كحركة قومية عربية رائدة تناضل من أجل مجتمع عربي حر وموحّد تسوده العدالة والمساواة، من جهة ثالثة.
الإنجازات التي تحققت في سورية، عبر العقود الماضية من عمر التصحيح، لم تقتصر على المجال الداخلي: إرساء قواعد العمل المؤسساتي، وبناء الدولة الحديثة اقتصادياً وتنموياً وسياسياً، وإنشاء جيش عقائدي قوي، أثبت خلال السنوات الماضية أنه لا يقهر وأقوى من مؤامرات الأعداء والمرتزقة، لأنه جيش من الشعب وللشعب، والتأسيس لقيام نهضة تنموية شملت جميع مناحي الحياة، الاجتماعية والثقافية، وغيرها من الإنجازات، والتي لا يمكن الإحاطة بها في هذه العجالة، بل جعلت من القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية، وبوصلة النضال ضد العدو الصهيوني، وظلت متمسكة، رغم تآمر أعداء أمتنا العربية والعملاء الصغار من مشايخ البترودولار، بمواقفها المبدئية من القضايا الوطنية والقومية، فلا تفريط بالحقوق ولا تهاون بقضايا الأمة، وكل ذلك أهّلها لاحتلال مكانة إقليمية مرموقة بين دول العالم، وجعلها مركز إشعاع قومي وقوة أساسية وفاعلة لأمتنا العربية.
وهذا غيض من فيض ما تحقق في ظل الحركة التصحيحية، والتي كانت، بحق، نقطة تحوّل مهمة في التاريخ النضالي لحزب البعث العربي الاشتراكي، ولسورية العروبة، إذ أعادت للأمة العربية، ونهجها القومي، وهجها وتألقها، وقدّمت، ولا تزال، كل أشكال الدعم والمساندة لنضال الشعب الفلسطيني وكفاحه لتحرير أرضه ومقدساته واستعادة حقوقه المشروعة، ما جعل أدوات القوى الاستعمارية الصهيوأمريكية وأذنابها في المنطقة، الذين يرون في القوى الحيّة في أمتنا العربية هدفاً للهدم والخراب، يتكالبون عليها، ويحشدون شذّاذ الآفاق والتكفيريين والمرتزقة ومحترفي القتل والوحشية، من أكثر من 84 دولة، لاستهدافها.
إلا أن إرادة الحق، ووعي الشعب السوري وصموده، وتماسكه وتلاحمه مع السيد الرئيس بشار الأسد، والذي استطاع بإحساسه الوطني الرفيع وتفاعله المستمر مع أبناء الشعب الصامد بكل فئاته أن يكون رمزاً لنهج وطني استثنائي تذوب فيه الفواصل بين مكوّنات الوطن من دولة وجيش وشعب، والتفاف الشعب حول جيشه الباسل، والذي يسجل كل يوم بطولات وملاحم تشكل امتداداً لانتصارات حرب تشرين التحريرية، ووقوف أحرار الوطن العربي والعالم مع سورية، كل ذلك أفشل المؤامرة، وحكم عليها بالسقوط الحتمي، وأسس لمرحلة جديدة من النهوض الوطني والقومي، فعادت البوصلة واضحة عند كثير ممن غابت عنهم الرؤية، جهلاً أو تضليلاً، وانكشفت الوجوه القبيحة على حقيقتها، بعد أن سقط عنها قناع “الحرية والثورة”.
سورية، موئل الإباء والكرامة ورمز الاستقلال في زمن عمّ فيه وباء التبعية والخنوع وثقافة الذل والهوان، كانت وما زالت وستبقى قلب العروبة، الذي لم ولن يتوقف عن النبض، وستبقى مشعل النور، الذي يهتدي به العرب الشرفاء، كما ستبقى شامخة قوية صامدة عصية على الغرباء.
والشعب السوري العظيم، والذي ورث الثقافة الوطنية من آبائه وأجداده، الذين قاوموا الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي وصنعوا الاستقلال، مصمم اليوم أكثر، من أي وقت مضى، على محاربة الإرهاب من دون هوادة حتى تطهير كل بقعة من الجغرافيا السورية من دنس الإرهابيين والعملاء الذين شكلوا لهم غطاء سياسياً، وإنجاز الحل السياسي، والمضي في دفع عجلة التنمية على المستويات كافة، وإطلاق عملية الإعمار، لبناء سورية أقوى مما كانت.