أصداء الغضب تمتد إلى لندن.. ونيران الاحتجاجات تخبو ولا تنطفئ "شريط فيديو لشرطي يقتل طفلاً" يسكب البنزين على نار فيرغسون الأمريكية
قد يثير شريط فيديو جديد يظهر ضابطاً في الشرطة يقتل صبياً أسود، عمره 12 عاماً، كان يلعب بمسدس وهمي الغضب في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وتبين من شريط الفيديو، الذي صوّرته كاميرا مراقبة، وتمّ بثه الأربعاء، أن الفتى تمير رايس قتل نهاية الأسبوع بعد ثوان من وصول شرطيين في سيارة شرطة إلى حديقة في كليفلاند، أوهايو.
وترددت أصداء الغضب حتى بلغت لندن، حيث تظاهر آلاف الأشخاص أمام سفارة الولايات المتحدة، وهتفوا شعارات ترددت في فيرغسون: “حياة السود غالية”، و”ارفع يديك لا تطلق النار”.
وعشية العشاء التقليدي لعيد الشكر، الذي يجمع العائلات الأميركية كل سنة، وصلت عائلة مايكل براون إلى نيويورك للصلاة مع عائلتي شابين أسودين آخرين قتلتهما الشرطة في الفترة الأخيرة، وانضموا إلى زوجة ووالدة اريك غارنر، رب العائلة البالغ الثالثة والأربعين من العمر وقتل في ستايتن آيلند في تموز خلال عملية اعتقال، وحضرت أيضاً صديقة أكاي غورلي، البالغ الثامنة والعشرين من العمر، وقتل بطريق الخطأ الأسبوع الماضي في غرفة الدرج المظلمة في بروكلين برصاص شرطي مبتدئ.
وتعاطف مع غضب سكان فيرغسون عدد من المشاهير، منهم نجم الهيب هوب راسل سايمونز، الذين أيدوا دعوة إلى مقاطعة “الجمعة الأسود”، اليوم السنوي للتسوّق غداة عيد الشكر، للاحتجاج على تبرئة الشرطي.
وقد تستأنف التظاهرات بعد عيد الشكر، بعدما دعا الناشط الشعبي للحقوق المدنية آل شاربتون إلى يوم من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد السبت.
في فيرغسون، كما في أنحاء مختلفة من “بلاد الديمقراطية”، ينتقد المتظاهرون مواقف الرئيس باراك أوباما الخجولة كثيراً بنظرهم، ويأسفون لعدم حضوره إلى المدينة منذ مقتل الشاب مايكل براون الأعزل في 9 آب وسط الشارع برصاص شرطي أبيض، فيما جاء رد الرئيس الأسود على هذا السخط الشعبي العارم بالمزيد من التصعيد، مؤكداً أنه ستجري معاقبة المشاركين في الاحتجاجات بفيرغسون، معلناً استشارات بين المجتمع المدني والأمن بهدف منع تكرار مثل هذه الأحداث.
في السياق، قال جيمس نولز رئيس بلدية فيرغسون: إنه لم يتخذ قرار بشأن مستقبل ضابط الشرطة دارن ويلسون، وهو في إجازة إدارية مدفوعة الأجر منذ التاسع من آب، وسيبقى في إجازة لحين الانتهاء من تحقيق داخلي.
وأمام مركز الشرطة بالمدينة، قام رجال أمن بلباس مكافحة الشغب يساندهم عناصر من الحرس الوطني مجهزون بالهراوات والدروع، بصد نحو مئة شخص يحملون لافتات كتب عليها “لن يسكتونا”، وتراجع الحشد نحو مقر البلدية، حيث أحرقت سيارة دورية، وأطلق عناصر الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، فيما أحرق متظاهرون في سانت لويس سيارة للشرطة، وأعلنت السلطات أن التجمع “غير قانوني” مهددة بتوقيف المحتجين والصحافيين.
من جانبها، منظمة العفو الدولية أعلنت أنها أرسلت بعثة مراقبين إلى فيرغسون للوقوف على الأسباب التي أدت لاندلاع موجة أعمال العنف هناك، وتعد هذه المرة الأولى التي ترسل فيها هذه المنظمة المعنية بحقوق الإنسان بعثة مراقبين إلى ولاية أميركية، وقال ستيفن هوكينز المدير التنفيذي للمنظمة في الولايات المتحدة: إن المنظمة أرسلت وفداً مكوناً من 13 شخصاً لمراقبة الأوضاع.
وأشار هوكينز إلى أن المنظمة قررت إيفاد مراقبيها بعد أن تبين لها وجود انتهاكات وضاحة للمعايير والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان في تلك المدينة، ودعت المنظمة في بيان صادر عنها لفتح تحقيق شامل في مقتل براون، في حين دعت رجال الأمن في المدينة للالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان في تعاملهم مع المتظاهرين، وأكد البيان على ضرورة مراجعة كافة تدريبات قوات الأمن وسياساتها فيما يتعلق باستخدام القوة.
موجة الاحتجاجات التي أثارها قرار العدالة بعدم توجيه اتهامات لشرطي قتل براون تدل مجدداً على إهمال مشكلة رواسب العنصرية وانتهاك حقوق الأقليات العرقية في الولايات المتحدة، ويعتقد خبراء أن ظاهرة العنصرية في الولايات المتحدة اتخذت أبعاداً بنيوية وتحمل في طياتها خطراً جدياً من إثارة التوتر والتشققات في المجتمع، الأمر الذي تدل عليه سلسلة احتجاجات شهدتها المدينة خلال عام 2014.
الأحداث الأخيرة في المدينة تعد إشارة جديدة ومقلقة جداً إلى السلطات الأميركية، مفادها أن الوقت قد حان أخيراً لأن تركز على معالجة المشكلات الداخلية الكبيرة في مجال ضمان حقوق الإنسان، مع الأخذ في الاعتبار توصيات المنظمات الحقوقية الدولية بهذا الخصوص، بدلاً من توجيه تعليمات غير مبررة وغير مثمرة أو إرشادات دعائية إلى دول أخرى.
وهي ثاني مرة منذ وصوله إلى السلطة عام 2009 يتحتم على أوباما الذي انتخب بفضل دعم كثيف من الأقليات، وعلى الأخص السود، التعامل مع الآمال الكبيرة المعلقة عليه في هذا الموضوع الحساس، بعد مقتل تريفون مارتن، الشاب الأسود البالغ من العمر 17 عاماً في شباط 2012 في فلوريدا برصاص حارس فيما كان يتنزه من دون أي سلاح في حي سكني.