أخبار من حطب؟!
توحي بعض أخبار الاحتطاب القادمة من الريف “ساخناً كان أم بارداً” أن الأهالي هناك كلهم تجار حطب ولديهم نهم لقطع الشجر بهدف البيع وتأمين عائد ومردود يتناسب مع حجم العمل ومساحة النشاط القائم، ولكن ثمة حقائق ووقائع تعطي الصورة الأكثر دقة وموضوعية عن مجريات ما تشهده القرى والأرياف التي تحتضن المساحات الأكبر من الحراج والغابات الشجرية البكر أو الاصطناعية، حيث يتجلى ضغط وثقل الحاجة إلى الأشجار خشباً كبديل متوفر للمشتقات النفطية “مازوت، وغاز” والكهرباء الغائبة منذ شهور عن ريف يعاني صراحة أكثر من المدن في خدمات الطاقة، فللجغرافيا والبعد وسوء النقل وأحياناً الوضع الأمني على الطرق دور سلبي جداً في وصول الخدمة إلى تلك البقع النائية أو حتى القريبة؟.
قد تكون عمليات افتعال حرائق الغابات ممنهجة عند “الفحامين” ومدروسة عند “العقاريين” ومطلوبة لدى “المتاجرين”، لكن ماذا نقول بشأن المواطنين”العاديين” الذين وقعوا في شرك “العوز” الملحّ أمام انقطاع شبه تام وارتفاع سعر وسائل التدفئة والطهي من مازوت وغاز منزلي، لتجد الأسر الريفية في بقايا تقليم الأشجار المثمرة والأخرى القابلة للقطع بين البساتين والحقول ضالة يمكن أن تحقق المطلوب؟.
هنا لا مجال للتشبيه بين مستهلك مجبر على التحطيب لتأمين حاجته المنزلية ومستهلك جائر لزوم تجارته الشرهة للقطع غير المدروس والمتوازن الذي يأخذ بالاعتبار التخلص من الأشجار المضرّة والمتيبّسة والمتساقطة بفعل الرياح والأمطار والسيول والثلوج، وهذا ما يشكل المادة الأولية لأغلب الفلاحين والمزارعين ومجمل القاطنين في المناطق الريفية، حيث بدت مظاهر العودة للاستخدامات التقليدية منتشرة في سياق الاستعاضة المشروعة للمتاح حتى لو كان مبالغاً فيه أحياناً، لأن للتوجه الطبيعي هذا نواتج إيجابية أضعف إيمانها تنظيف الأراضي الزراعية والبور من مخلفات التقليم وبقايا الأشجار التي طالما كانت تصنع حرائق لدرجة الاستفادة من الأعشاب والأعواد الصغيرة كوقود مجاني ومؤمّن في الريف، وحتى المدن التي باتت تشهد تجارة للحطب القادم من الريف بأسعار تجاري المازوت والغاز لا بل تفوقها أحياناً؟.
نعرف أن البديل الريفي يشكل محطة حسد عند ابن المدينة الذي يقف عاجزاً أمام ندرة المادة الحطبية التي يُجبر على ابتياعها، ولكن دعونا ندقّ ناقوس الخطر لمن امتهن سياسة الإعدام الجماعي بحق كل عود أخضر وراح يفتح سوقاً يدرّ الملايين ربحاً ويحوّل الأراضي إلى صحراء؟.
تذكير1: مديريات الحراج في أغلب المناطق فتحت فرصة بيع الحطب لكل دفتر عائلة بسعر مدعوم.
تذكير2: الحديث عن قانون السجن بحق قاطع الشجر أصبح “نكتة” يتندّر بها “قناصو” الشجر والحجر.
علي بلال قاسم