محليات

سواعد تدافع وتبني

لن نكون شهود زور أو مثل الفخّارين الذين يضعون أذن الجرة أينما يريدون بل قرّاء للتاريخ ورواة للشواهد والحقائق، ومن باب الواقع والدور الواضح وبشهادة التاريخ الذي ينصف الحركة النقابية والطبقة العاملة السورية، يمكن القول: إن الاتحاد العام لنقابات العمال عمل طوال تاريخه كمنظمة وطنية عمالية وباستقلالية تامة في عملها ووجهة نظرها مارست دورها الرقابي على عمل مختلف الهيئات الحكومية، وهي في بنيتها ذات طبيعة ديمقراطية تتمثل في وحدتها التنظيمية وتعدّدية الأفكار والآراء السياسية لمنتسبيها، وبقيت رغم كل ما يشوب الوضع النقابي العربي من فوضى إذا جاز التعبير تحت مسمى “الربيع النقابي العربي”، تعيش حالة من الانضباط والالتزام الوطني رفيع المستوى.
وما انعقاد المؤتمر السادس والعشرين للاتحاد العام لنقابات العمال بعد الانتهاء من انتخابات القيادات النقابية القاعدية على اختلاف مستوياتها، إلا إثبات لاستمرار دورة الحياة النقابية المتجدّدة، وإن العين النقابية لم تنَم ولم تترك السواعد العمالية خطوط إنتاجها على الرغم من ضخامة التحديات وشراسة ووحشية الإرهاب الذي حاول ويحاول كسر إرادة الحياة عند السوريين عموماً، وعزيمة العمل والإنتاج المتأججة في نفوس عمال سورية وتنظيمهم النقابي الذي تمترس خلف مهامه وواجباته الوطنية فكان جيش العمال رديفاً لا يقل أهمية عما يقوم به الجيش العربي السوري من تضحيات، فيجمع بينهم الوطن والتاريخ الواحد والمسيرة النضالية الطويلة ضد الأعداء والخونة والكثير من الآمال والإنجازات التي تحققت خلال العقود الماضية.
وباعتراف الجميع، عمال سورية ونقابيّوها الذين تعالت أصواتهم بالأمس لتملأ سماء الوطن وتعانقت سواعدهم، أثبتوا بمختلف مهنهم وانتماءاتهم وآرائهم السياسية والفكرية وبقوافل الشهداء التي قدّموها في الحرب على الإرهاب، أن منظمتهم النقابية التي تفتح صفحة جديدة في سجلها النضالي لم تكن على مدار تاريخها إلا تلك الشجرة المثمرة التي تُرمى بالانتقادات وتُقذف بشتى أنواع التهم التي تخفي وراءها غايات سامة ونيات لا يمكن وصفها إلا بالحاقدة، لكونها تفتقر إلى الوقائع والأدلة الملموسة، في حين أننا عندما نرمي صنارة الحقيقة أو شباك الشفافية في الماضي والحاضر نجد الكثير من الإنجازات التي تثبت بالدليل القاطع حضورها على ساحة العمل والنضال وفي حياة الطبقة العاملة، فوراء آلاف المكاسب العمالية والمواقف الوطنية والقومية والدولية المشرّفة، تقف الحركة النقابية وطبقتها العاملة لتردّ على حملات تشويه الدور والطعن بشرعية المهام.
وكما ناضلت في الثلاثينيات من القرن الماضي مع كل شرائح الشعب ضد المستعمر الفرنسي من جهة والاستغلال والقهر والتسلط من جهة أخرى حتى وصلت إلى زمن باتت فيه صاحبة القرار في كل ما يصدر عن السلطات التشريعية والتنفيذية وخاصة بعد قيام الحركة التصحيحية، ها هي اليوم السواعد السمراء تدافع وتبني الوطن وتحمي المصانع والمنشآت وتؤسّس لمستقبل عمالي نقابي أكثر فاعلية ومساهمة في إعمار بلدنا.
بشير فرزان