ثقافة

وبعض الحب ينمو في الحرب

حرف واحد يفصلنا عما يليق بنا، حرف أضيف إلى حياتنا فحولها من حب إلى حرب، وأجد نفسي أقف موقف العاتب منه فعلى الرغم من كونه يزخر بالرقة والجمال، ولكنه أتى بكل هذا الدمار الذي صاحبه عنوة دون أن يستأذنه، ومع هذا لم يكن قادراً على قتل روح الأمل فينا فالحب سيبقى نهج حياتنا سراً وعلناً، ولاسيما أن بعض الحب ينمو في الحرب وبعضه الآخر يأتي معه، ومفاتيح الحب في يدنا وكذلك مفاتيح الحرب فلنختر ما نريده، ولكن عندما تفرض الحرب فرضاً عندها يصبح وجود الحب بحد ذاته معجزة، ونحن في سورية نعيش المعجزة في كل لحظة فالحب هو التفصيل الأهم الذي لم يتنازل عنه السوريون. والكثيرون شبهوا الحب بالموت ويحضرني هنا قول للأديبة أحلام مستغانمي تقول: “الحب كالموت هما اللغزان الكبيران في هذا العالم كلاهما مطابق للآخر في غموضه، في شراسته، في مباغتته، في عبثيته، وفي أسئلته، نحن نأتي ونمضي دون أن نعرف لماذا أحببنا هذا الشخص دون آخر؟ ولماذا نموت اليوم دون يوم آخر؟ لماذا الآن؟ لماذا هنا؟ لماذا نحن دون غيرنا؟”، فالحب والموت كلاهما يأتي مرة واحدة، أما عندما يجتمعان معاً في جهة واحدة،عندها تُنسج حكاية فريدة قد لا تتكرر والحرب ما هي إلا مسمى آخر للموت، فهل من الممكن أن يسير الحب والحرب معاً؟ البعض يؤكد أن الأصح القول كيف يمكن أن توجد الحرب دون أن يرافقها حب، يجب أن يكونا متلازمين في خط واحد ومع أنهما لا يلتقيان لكنهما كذلك لا يفترقان فوجودهما بهذا التوازي أزلي، فالحب هو البارقة الوحيدة الحاملة للفرح والأمل خلال الحرب وويلاتها وكلنا يعلم أن الله إذا أحب عبداً ابتلاه.
وكما هو معروف اعتاد العشاق في أنحاء العالم كله الاحتفاء بعيد الحب الذي يصادف في 14 شباط  من كل عام، فهل نسي أولئك الذين سنوا هذه العادة القديمة تلك  البلدان التي تعاني الحروب أم على العكس تقصدوا أن يحتفلوا بالحب ليذكروا العالم بتفرد الحب وعظيم فعله في النفوس والقلوب وشفاء الجروح، وكسواهم من شعوب الأرض سيحتفي السوريون أيضاً في هذا العام بالحب، لكن على طريقتهم الخاصة، فشعارهم الأكبر لهذا العام هو “عش الحب لا الحرب” من خلال دعوة وجهت عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكل الفنانين والمصممين الهواة والمحترفين السوريين لتصميم  بوستر  يدعو لوقف الحرب  وضخ الحب بدلاً عنها، بعض النظر عن العمر أو المستوى الفني أو التوجه الفكري، فالغاية واحدة هي الحب، فبالحب تخلد الأوطان وتسمو  فوق كل الأحقاد والنزاعات، ورغم أن عيد العشاق حاول هذا العام الاحتماء بدثار الليالي الشتوية المثلجة إلا أن حب الوطن ظل يدثره، وظل الوطن هو المعشوق الأول والأخير لكل سوري.
لوردا فوزي