حواريات بأنماط مختلفة في ملتقى البزق
في كل عام يسعى ملتقى البزق لتقديم أفكار جديدة تقارب بين الجمهور والآلات التراثية القديمة(البزق- الطنبور- الباغلمة) ويحتفي الملتقى السابع المقام حالياً في دار الأوبرا والذي يستمر على مدى أربعة أيام بالطنبور الآلة الأم كما وصفها القائم على الملتقى الإعلامي إدريس مراد، بتخصيص ندوة خاصة عن سماتها لاسيما أنها ارتبطت بحضارات السومريين واليونان وشعوب شرق آسيا، وسُميت بصوت الأفلاك لجمال نغمات صوتها، كما يحتفي بالاهتمام بتجربة التأليف الموسيقي للآلات القديمة مع الآلات المعاصرة.ليطرح الملتقى تساؤلات عدة حول الآلات الأقرب إلى الآلات التراثية القديمة؟ ومع أية آلة يكون حضورها أجمل مع البيانو أو الغيتار أو الناي أو الإيقاعيات؟ ويعدّ تدريس آلة البزق أكاديمياً في المعهد العالي للموسيقا تأكيداً على أهمية الملتقى.
وفي أمسية الافتتاح تفاعل الحاضرون بالتمازج الحواري الموسيقي وبالقفلات المدهشة بأساليب مختلفة، ضمن تشكيلات موسيقية تظهر الدور اللحني للآلات التراثية القديمة البزق والساز بمرافقة آلات معاصرة وحضور الإيقاعيات المتنوعة.
وقُدمت مقطوعات تركية ومن أذربيجان بعزف منفرد وثنائي وجماعي، فكانت اللوحة الأولى بين البزق –كنان أبو عقل- والبيانو –رنا جنيد- التي شكّلت اللحن المرافق للامتداد اللحني للبزق بنغمات حادة في مواضع، وفي تناغم ثنائي في مسارات لحنية لتبقى نغمات البزق اللحن الأساسي وتنتهي بقفلة الرش المدهشة.
وفي اللوحة الثانية كانت نغمات أوتار الكمان هي الأقرب إلى البزق بين عازف البزق حسين إبراهيم وعازف الكمان طارق عيد من حيث روح اللحن الوتري، والملفت القفلة المتدرجة بينهما حتى السكون بعد التناوب اللحني.
حضور المؤلف الموسيقي آري سرحان شغل مساحة من الأمسية بالتأليف الموسيقي لآلة الساز مع آلات مختلفة لتقديم نمط موسيقي معاصر، بتشكيل حواريات موسيقية جماعية مع عازف الغيتار طارق صالحية، والإيقاع ميشيل خياط وأحمد اسكندراني على الناي الذي أضاف حضوره كصولو أو بالفواصل اللحنية أو المنعطفات جمالية تداخلت مع التشكيلات الموسيقية لسرحان وقفلاته المدهشة في مقطوعات جزراوية “اللي بيحبوك ما بيجرحوك، وشمس الصبح”، وكما ذكر العازف أحمد إسكندراني بأن الساز آلة عريقة ولها تاريخها الكبير وحينما تلتقي الآلة الوترية مع الآلة النفخية الناي تكونان توليفة موسيقية ساحرة بأبعاد هارمونية من خلال الأوزان خمسة على ثمانية بارتجالات خارج اللحن.
وتميز حضور الناي للعازف إسكندراني بنغمات اللحن الرقيق الذي شكّل المسار اللحني للناي لاسيما أنه متأثر بسلاطين الطرب، إذ شكّل الركيزة الموسيقية الأساسية في مواقع القرار ليبرز دور الآلات أكثر وبتصاعد لحني لاسيما لآلة الصولو، ولم يتفاعل الجمهور مع اللحن الرقيق للناي فقط وإنما بالنمط اللحني التراثي لمقطوعات ” ياردي لي وصبيحة وجورجينا”.
وفي إحدى المقطوعات التي ألًفها سرحان منها “وجهة نظر” بدا النمط اللحني الإسبنيولي في مواضع معينة بتشكيلات الفلوجن بين عازف الغيتار طارق صالحية ونغمات الساز لسرحان، إذ وظّف صالحية الغيتار الخشبي باستخدام الآلة في مواضع معينة برتم خاص ينتمي إلى النمط الاسبنيولي.
واستخدم سرحان من خلال العزف تقنيات الضربات الصغيرة والمكثفة لآلة الساز، وزاد من جمالية التشكيلات الموسيقية تفاعله بالعزف وحضوره الجميل على المسرح، وساعدت مشاركات سرحان بالموسيقا التصويرية للدراما التلفزيونية على التواصل بين البزق والساز والطنبور والمشاهدين.
ملده شويكاني