بعد الصافرة قرارات زادت من الشغب!
يبدو أن ثقافة الفوز والخسارة في مباريات الدوري الممتاز لم تأخذ طريقها إلى التطبيق بعد أن اختزلت جماهير الأندية حبها لفرقها بالخروج عن النص، وعن أخلاقية الرياضة وروحها، وحتى العقوبات الاتحادية زادت الاعتراضات، وابتكرت معها الجماهير طرقاً جديدة للشغب، ناهيك عن الكلمات والشتائم، وغيرها من الموشحات التي يطلقها مفتعلو الشغب.
كل ذلك أوجب على الجميع أن يضعوا النقاط على الحروف لمعرفة أسباب هذا الشغب ومفرداته التي بدأت فصوله من إدارات الأندية التي انكفأت باختياراتها تحت وطأة رؤيتها التي لم ترتق للرياضة ومبادئها، فاختارت كل كوادرها انطلاقاً من علاقاتها ومصالحها الشخصية على حساب الرياضة والرياضيين، فلا اختيارها للكوادر الفنية والإدارية كان صحيحاً، ولا اختيارها لروابط المشجعين كان صائباً، فرؤساء وأعضاء هذه الروابط ارتبطوا ارتباطاً وثيقاً بإدارات الأندية، وخاصة بعد ظروف الأزمة التي أبعدت الجماهير عن الملاعب، فاستغلت هذه الإدارات هذا الأمر لتبرمج خياراتها حسب علاقاتها، هذا من جهة، أما من جهة أخرى فلاتحاد اللعبة حصة أكبر في سبب الشغب بعد أن ضيقت قراراته على الجماهير العائدة إلى الملاعب، وهي التي أعادت الحياة إليها بعد أن غابت عنها ما يقارب “أكثر من ست سنين” مضت من عمر الأزمة، فلم تستطع هذه القرارات مواكبة هذه العودة، وأولها منع روابط “الأتراس” التي تعتبر أقوى من روابط المشجعين التي تشكّلها إدارات الأندية، وهي نجحت بشكل لافت بتنظيم التشجيع على المدرجات، وقللت من الشغب، وقدمت صورة حضارية وأخلاقية عن الجمهور السوري، ولمت شمل المشجعين السوريين خلف أنديتهم في كل المدن.
وبعد كل هذه المنغصات التي ولدتها خيارات الأندية لروابط مشجعيها، وعدم استطاعة اتحاد اللعبة منع نفسه من مضايقة الجماهير العائدة إلى الرياضة بقراراته وعقوباته الغريبة التي تؤكد على كسب الأموال بدلاً من أن يكون هدفها تربوياً وليس للعقوبة من أجل العقوبة، فإن ما حدث في مباراة تشرين والنواعير، والكرامة والوثبة في ديربي حمص، يؤكد على أن الانضباط المفقود في ملعبي حمص واللاذقية سببه واحد، وهو إدارتا الناديين اللتان لم تستطيعا التعامل مع هاتين المبارتين بوعي واحتراف، كما أن العقوبات التي صدرت عن اتحاد اللعبة خصت الجماهير، وتناست ما فعلته إدارتا الناديين من إثارة للجماهير، واستفزاز أدى إلى ما كان في الحسبان!.
الشغب في الملاعب السورية لن ينتهي ما لم يعد الاتحاد الرياضي النظر في اختيار بعض إدارات الأندية، والذي تم من خلال التجاذبات والعلاقات، ففي نادي الكرامة العريق الكثير من الكوادر الخبيرة التي تستحق أن تقود النادي إلى بر الأمان، وفي تشرين، هذا النادي الذي يضم خيرة الكوادر الرياضية، لكنها مبعدة لأسباب يطول شرحها، كما أن لاتحاد كرة القدم دوراً هاماً في قرارات العقوبات، فليس من المعقول أن يغرم جماهير أي ناد، ومن ثم يشكرها في الوقت نفسه بهدف قبض قيمة التغريم، فلن ينتهي الشغب في الملاعب إلا بتغيير العقلية الرياضية ورؤيتها القاصرة التي تعتمد على العلاقات، وليس الكفاءات والخبرات التي ستكون المنقذ الحقيقي للرياضة وألعابها، وعلى رأسها كرة القدم؟!.
نزار جمول
Nez.gam59@gmail.com