بيضة الديك..!
في ثمانينيات القرن الماضي سار عشرات الآلاف من السوريين الحالمين والباحثين عن الشفاء من حالة العقم وراء أمنياتهم المتراقصة في أرحام الأمل ليشربوا من حليب ذلك التيس الذي تفوّق على أبقار هولندا بإنتاجه الوفير ولكنه وللأسف لم يزرع في النهاية سوى خيبات الأمل في خصوبة كل من شرب منه، ولن ننسى أيضاً عشرات الآلاف من السوريين الذين اشتروا وجربوا جميع أنواع الديوك البلدية والفرنسية والماليزية والهندية للحصول على بيضة الديك التي تشفي من العلة ذاتها فكانت النتيجة المزيد من الانتظار والعودة بخفي حنين وبأمنيات حبلى بالأوهام.
واليوم يبحث مئات الآلاف من السوريين الباحثين عن وصفة سحرية قادرة على منحهم أكسير الحياة الكريمة وإنقاذهم وانتشال صبرهم من هاوية المحنة التي تتشعب انتكاساتها بوجود من يؤمن ويقتنع أنه بالإمكان استخلاص الحلول وتقديمها من باب الوعود والخطابات أو بمجرد التنظير والاعتراف بصعوبة الواقع وتعذر السيطرة على الأسواق التي اشتاقت للمحاسبة والمساءلة.
وفي مقابل هذا الواقع تغدو حالة اللهاث وراء الحلول التي تغور في فاجعات القرارات المتنوعة التي تنغص يوميات المواطن أكثر حضوراً، حيث من المؤسف أن تكبل تطلعات الناس بتحسين واقعهم المعيشي بفلسفة “المخير والمسير” التي تحكم عمل الكثير من الجهات ويبرز ذلك بشكل واضح في تلك الخطط الورقية التي لا يتمخض عنها سوى الأعذار حول إمكانية تحقيق الزيادات الممكنة على الرواتب والأجور التي يعتبرها الشارع السوري البيضة ذات الفوائد السحرية على حياته المنهكة مع تعرضه للابتزاز الممنهج والمحمي تحت عنوان الأزمة، حيث تتجدد المواجهات اليومية بينه وبين مدى واقعية الإجراءات المتخذة لانتشاله من واقعه الصعب، خاصة أن حساسية القضية بالنسبة للمواطن وخبرته وتجربته مع قرارات الجهات المعنية تسقط هذه المواجهة مباشرة في خانة التشاؤم.
ومن منظور الواقع بعقمه الفظيع وإسقاطاته على حياة الناس المتصدعة يسأل الجميع.. إذا كانت المؤشرات حسب التصريحات المتراكمة في خزائن الواقع الاقتصادي والمالي تبشر بارتفاع مؤشرات الموارد، فلماذا ترتجف القلوب بعد أي اجتماع حكومي أو إعلان وزاري بأحلامه الطائرة من أعشاش الكوابيس إلى أحضان الخيال؟ وهل ستعالج حالة العقم المعيشي في القريب العاجل أم سيطول انتظار الناس لبيضة الحلول وديوكها الصادحة في أقنان الأزمة؟.
بشير فرزان