مع تعدد أسبابها.. العنوسة تزداد والمعالجات تراوح على خط البداية
تغيير مفاهيم شروط الزواج للحد من ظاهرة العنوسة التي تفاقمت نتيجة الحرب السورية ووصلت إلى 70%، كان في مقدمة الأفكار التي دعت لها المعالجة النفسية سلام قاسم، حيث بيّنت أن كلمة عانس تطلق على الأنثى التي وصلت إلى سن معينة ولم تتزوج، وأشارت إلى أن كلمة عانس في اللغة العربية تطلق أيضاً على الرجل وليس فقط على الأنثى، لتصل إلى أن الآثار النفسية والاجتماعية تطال المرأة في المجتمعات الشرقية، بينما لا توجد هذه المشكلة في المجتمعات الغربية، لأن العلاقات غير الشرعية مباحة، وكذلك لوجود ظاهرة الأم العازبة.
الأنثى صاحبة القرار
الفكرة الثانية التي توقفت عندها هي أن العنوسة قد تكون اختيارية بقرار من المرأة لعدم اقتناعها بالزواج التقليدي، أو من رجل أقل منها مكانة اجتماعية، ومادية، وعلمية، أو ترفض السلطة الذكورية، فتختار بإرادتها أن تعيش بحرية ذاتية، بينما العنوسة الحتمية هي المفروضة على الفتاة نتيجة تقدمها بالعمر، وعدم تقدم أحد للزواج منها، ربما لبيئتها الاجتماعية، أو لشكلها.
سورية في المرتبة الثالثة
وما يحدث الآن أن نسبة العنوسة تتفاقم في سورية نتيجة الحرب السورية وتبعاتها، إذ وصلت إلى 70%، لتأتي في المرتبة الثالثة بعد لبنان 85%، وبعد الإمارات 75%، والملفت أن فلسطين هي الأقل نسبة بالعنوسة، إذ تصل إلى 7% فقط.
الأوضاع المادية
وحللت المعالجة قاسم أسباب العنوسة، فمن الناحية النفسية ربما تكون نرجسية، أو انطوائية يغلب عليها الخجل، وتميل إلى العزلة في عالمها الخاص، أو تشعر بالرهبة من فكرة الزواج، وتربية الأطفال، ومادية أيضاً نتيجة الفقر، وارتفاع المهر، والبطالة، وتوجد أسباب تتعلق بالعائلة، على سبيل المثال، تتزوج الفتاة الكبرى من رجل ثري، فتشترط العائلة أن يكون المتقدمون لخطبة بناتهن من رجال أثرياء، إضافة إلى الأسباب الشخصية، وفي حال حققت الفتاة ذاتها، ووصلت إلى مراتب عليا بحصولها على شهادات عليا، وتمتعت باستقلالها المادي والمعنوي، فإنها ترفض أن تتزوج من رجل أقل منها.
الوحدة والاكتئاب
ورأت الباحثة أن العنوسة تهدد استقرار المجتمع، وتساهم في نشوء سلوكيات منحرفة تصل إلى وجود الأطفال اللقطاء أحياناً، فهناك أطفال مجهولو الهوية في الميتم، وعلى الصعيد الذاتي تدخل الأنثى في دائرة الاكتئاب والوحدة، ولا تجد شريكاً لها في المواقف الصعبة التي تتعرّض لها في حال فقد أحد أفراد أسرتها، وكذلك في حالات الأفراح، والأهم أنها لا تجد من يشاركها يومياتها، حتى وجود الأصدقاء لا يغني عن وجود شريك، إلا أن وجودهم يكون نوعاً ما من البدائل، وفي المنحى ذاته ربما عند بعض الأسر تواجه انتقادات تؤدي إلى نوع من القمع الذكوري، وممارسة الاضطهاد، واستغلالها بتربية أولاد العائلة، أو بالاستفادة من راتبها، أو من ميراثها.
تغيير المفاهيم
وقدمت الباحثة حلولاً للحد من العنوسة، ولا يكون ذلك بتعدد الزوجات، لأن ذلك يؤدي إلى دمار الأسرة الأولى، وإنما يكون بتغيير مفاهيم شروط الزواج التي ارتبطت بالعادات والتقاليد، وبضرورة قبولها بالمجتمع، بأن يكون الحب هو المحور الأساسي للارتباط بالتخلي عن فكرة الارتباط من شخص من المحيط الاجتماعي التي توجد فيه الأنثى، وفي الوقت ذاته عدم جعل ثقافة المرأة وحصولها على مراتب عليا، سواء بالتحصيل العلمي، أو بالعمل، عائقاً بعدم زواجها من رجل أدنى منها بالعمل أو بالتعليم، والتخلي عن فكرة المظاهر الاجتماعية، والاقتناع بحياة مريحة وبسيطة.
الفكرة اللافتة التي طرحتها قاسم أيضاً هي التكافؤ من حيث السن، ففي أحيان كثيرة يتزوج الرجل فتاة تصغره بسنوات كثيرة رغم تقدمه بالعمر، وفي الوقت ذاته أكدت على فكرة قبول المجتمع بارتباط الرجل بأنثى تكبره بعدة سنوات.
مشروعات سكنية
وعلى صعيد المجتمع رأت قاسم أن مسؤولية الحد من ظاهرة العنوسة مسؤولية جماعية تتضافر فيها جهود الحكومة والوزارات، لاسيما أننا على أبواب الانتصار النهائي على الإرهاب بإيجاد مشروعات سكنية للشباب، وإعادة النظر بالإيجارات المرتفعة نتيجة الحرب، وتعاون المجتمع الأهلي مع دور العبادة بالتقارب بين الشباب، ودعم مشروعات الزواج الجماعي.
التبني
وعلى الصعيد الشخصي للأنثى طرحت قاسم موضوع التبني بأن يسمح القانون بتبني الأنثى العازبة أحد الأطفال من دور الأيتام بإشراف إدارة الأيتام لتجد من يؤنس وحدتها، وتعيش حلمها بالأمومة.
ملده شويكاني