حرب عالمية ثالثة!؟
سارعت لندن لتوجيه أصابع الاتهام لموسكو في قضية تسميم العميل سيرغي سكريبال، دون أن تقدّم أي دلائل مقنعة تدعم فرضيتها، والأغرب من ذلك أن الغرب سارع معها إلى شن حرب دبلوماسية ضد موسكو، فبدأت واشنطن ودول أوروبية إعلان طرد دبلوماسيين روس من أراضيها، واللافت أن لندن أثارت هذه القضية في الوقت الذي تخوض فيه روسيا استحقاقها الرئاسي لاختيار قائد للبلاد.
لندن، التي تحاول إخفاء مشاكلها الداخلية والتحامي بغطاء حليفها الأمريكي، ولا سيما بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي، وقعت في شر أفعالها، وها هي اليوم عاجزة عن تقديم أي أدلة تثبت مسؤولية موسكو عن الحادث، وهذا دليل قاطع على أن هناك غايات غير نظيفة تبتغي الوصول إليها من خلال موجة الاتهامات هذه.
إن هذه القضية تشكّل نقطة تحوّل في تاريخ العلاقات الروسية-البريطانية، ومن المرجّح أن تشكل تحولاً على مستوى النظام الدولي، فبريطانيا التي تحاول التستر على حقيقة الحادث وتلقي بالمسؤولية على عاتق موسكو، تهدف لتحييد روسيا، في ظل تصاعد دورها على المستوى الدولي. لقد وجدت بريطانيا، ومن ورائها الحليف الأمريكي، في هذه القضية فرصة تاريخية لمحاولة كسر شوكة روسيا وإفشال محاولاتها في إعادة التوازن إلى النظام الدولي، الذي عانى طوال العقود الأربعة الماضية من الأحادية القطبية الأمريكية واحتكار القوة والهيمنة.
ومن المعروف أن الولايات المتحدة لا تخوض غمار أي قضية إن لم تكن لها مقاصد ومكاسب منها، فهدفها الأول الآن هو تهميش روسيا في الأسواق الأوروبية وإحلال العجز في صادراتها من الغاز الطبيعي، فضلاً عن تشكيل تحالف غربي جديد يضم لإضعاف روسيا برئاسة فلاديمير بوتين خلال فترة ولايته الجديدة.
أما بريطانيا، فتسعى إلى تقليل العبء المالي على ميزانيتها جراء الخروج من الاتحاد الأوروبي، كما أنها تطمح لاستعادة دورها على الساحة الدولية، بينما تحاول تيريزا ماي اختطاف الفرصة لتظهر كسياسية قوية.
فهل ستشكل هذه القضية بداية حرب باردة بين موسكو من جهة ولندن وواشنطن من جهة أخرى؟ أم أنها ستتجاوز ذلك إلى حرب فعلية “حرب عالمية ثالثة”، ولا سيما بعد إعلان روسيا نشر صواريخها المطوّرة على جميع حدودها؟
ريناس إبراهيم