دعم حكومي لعودة المنشآت الصناعية إلى الغوطة الشرقية
دمشق-محمد زكريا:
يبدو أن ملامح الانتقال بالتخطيط الحكومي إلى العمل بالرؤى الاستراتيجية، والابتعاد عن التخطيط اليومي، والذي لجأت إليه الحكومة خلال السنوات الماضية، باتت واضحة، وذلك من خلال التواصل المستمر مع الفعاليات الاقتصادية “التجارية-الصناعية-الزراعية”، وذلك بهدف بلورة خطة تنمية شاملة لجميع المناطق المحرّرة من الإرهاب في حلب ودير الزور وريف دمشق الغربي والغوطة الشرقية.
وفي سياق ذلك، وضع اجتماع ترأسه المهندس عماد خميس رئيس مجلس الوزراء مع مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها أمس، استراتيجية الحكومة لإعادة تشغيل كل منشأة صناعية في المناطق التي حرّرها الجيش العربي السوري من الإرهاب في محافظة دمشق وريفها، وتوسيع المناطق والمدن الصناعية، وتحسين الصناعة الوطنية، وتعزيز تكامل القطاعين الخاص والعام في بناء مجتمع صناعي مترابط داعم للاقتصاد الوطني من جهة، ورافد للسوق المحلي بكافة المواد اللازمة للمواطنين، وتعزيز القدرات التصديرية في الأسواق الإقليمية والدولية، من جهة ثانية.
رئيس مجلس الوزراء، الذي بدى واضحاً من اجتماعاته المستمرة مع القطاع الخاص أنه عازم على إيجاد آلية فعّالة لتوظيف خبرات هذا القطاع في عملية النهوض بالاقتصاد الوطني، جدد التأكيد على أن الحكومة مستمرة في جهودها الرامية إلى تنشيط الصناعة المحلية، بدءاً بالصناعات الحرفية والورشات الصغيرة، وصولاً إلى الصناعات الحيوية والثقيلة.
وأكد رئيس الغرفة سامر الدبس أن الغرفة تستقبل يومياً عشرات المراجعين من الصناعين والحرفيين للاستفسار عن الإجراءات اللازمة لإعادة تفعيل منشآتهم في المناطق التي حرّرتها قواتنا المسلحة من الإرهاب في دمشق وريفها، حيث تحتوي منطقة الزبلطاني وحدها على 728 منشأة أصحابها عازمون على إعادة إقلاعها من جديد، الأمر الذي يوجب وضع آلية عمل موحّدة لإعادة تفعيل هذه المنشآت، مع ضرورة تأمين التمويل اللازم لها.
واستناداً إلى ذلك تمّ تكليف الغرفة بإنشاء قاعدة بيانات بأسماء الصناعيين والحرفيين في الزبلطاني وحرستا وعين ترما وعربين، الراغبين بإعادة إقلاع منشآتهم، وتحديد ما يلزمهم من دعم مادي ولوجستي لذلك.
ولتسهيل منح التراخيص الإدارية للمنشآت القائمة والمستثمرة وتسوية المخالفات داخل حرم هذه المنشآت، تمّ الطلب من الغرفة عقد اجتماعات مع وزيري الإدارة المحلية والبيئة والصناعة لإيجاد آلية لتسهيل منح التراخيص الإدارية للمنشآت في المناطق المحررة، وذلك لتسهيل إقلاعها من جديد.
وعرض بعض الأعضاء المشاكل التي يعاني منها الصناعيون في تقديم ضمانات لعمليات التحويل المالي المتعلقة بعمليات الاستيراد، وطالبوا بتخفيض نسبة الفوائد على القروض الميسرة إلى 6%، وأجمع وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة على أن الأمر يحتاج إلى دراسة جدوى اقتصادية للمنشآت الحاصلة على القروض وحجم الأضرار اللاحقة بها، معتبرين أن هناك منافذ أخرى لتقديم الدعم لهذه المنشآت دون الاقتصار على تخفيض سعر الفائدة، كتمديد مدة الإقراض وفترة السماح وفترة الاسترداد السريع، وإعطاء تشجيعات تناسب كل صناعة على حدة، في حين اعتبر الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء الدكتور قيس خضر أنه يمكن استخدام أداة سعر الفائدة المدعوم بفعالية في دعم الصناعيين في المناطق الأكثر إنتاجية وتحفيزهم على تنشيط صناعاتهم، مع اشتراط جديتهم في العودة للإنتاج.
وبناء على ذلك كلّف المهندس خميس الغرفة بعقد اجتماع مع حاكم مصرف سورية المركزي وممثلي المصارف العامة للاتفاق على سياسة إقراض داعمة للمنشآت الصناعية الراغبة بإعادة الإنتاج وفق ضوابط ومؤشرات معتمدة مع إعطاء الأولوية في التسهيلات المقدمة للصناعيين الجادين في إعادة إقلاع معاملهم، وإيجاد ضمانات لعمليات التحويل المالي المتعلقة بعمليات الاستيراد.
وفيما يتعلق بدعم صناعة الحياكة وصباغة الأقمشة طالب الصناعيون تخفيض السعر الاسترشادي لخيط البوليستير وتخفيض أسعار الخيوط القطنية الوطنية، فجاء توضيح وزير الاقتصاد بأنه يجري التدخل الدائم من قبل الحكومة لرفع الطاقة الإنتاجية لمعامل الخيوط ما يؤدي إلى تخفيض سعرها، مع الإشارة إلى أن الكمية المسوح باستيرادها من هذه الخيوط لا تتجاوز 3 آلاف طن.
ولتنشيط هذه الصناعة تم تكليف وزارتي الصناعة والاقتصاد وغرفة تجارة دمشق وريفها بتقديم دراسة تفصيلية عن واقع هذه الصناعة ومتطلبات دعمها والمعوقات التي تعترضها ليصار إلى اتخاذ ما يلزم لمعالجتها.
وطالب أحد أعضاء الغرفة بوقف منح إجازات استيراد السيراميك نظراً لتوفّر فائض إنتاج محلي منه، فأوضح المهندس خميس أن الصناعة المحلية شهدت خلال الفترات السابقة ظروفاً صعبة نتيجة سياسات الاحتكار التي كان يدفع ضريبتها المواطن والصناعي على حد سواء، الأمر الذي دفع الحكومة إلى السعي إلى محاربة كل ما له علاقة بالاحتكار في القطاعات الصناعية، داعيا أصحاب معامل السيراميك إلى البحث عن أسباب عدم قدرة السيراميك المصنع محلياً على منافسة المستورد، وتقديم دراسة حول ذلك إلى رئاسة مجلس الوزراء لمساعدتهم في تجاوزها.
ووقوفاً على مطالب عشرات من المغتربين بالحصول على أراضي ضمن منطقة يبرود لبناء المصانع عليها طالبت إحدى أعضاء الغرفة بتوسيع المنطقة الصناعية في يبرود، ليطمئنها المهندس خميس أن الأمر قيد المتابعة، إضافة إلى طلب دعم مجتمع نساء الأعمال اللواتي تتركز استثماراتهن في مدينة حرستا، فكاد الرد تقديم بيانات دقيقة لتقديم ما يلزم بشأنها.
وليكون نواة للصناعات المتخصصة طلبت إحدى سيدات الأعمال رعاية ملتقى الصناعات الكيمائية الذي من المزمع عقده في الشهر الخامس، إضافة إلى خلق السوق المحلي الواسع للمنتجات الوطنية في هذا المجال.
وفي طرح نوعي يعكس بصمة المرأة السورية المميزة في سوق العمل طلبت إحدى الأعضاء إقامة مراكز تدريب نوعية في منطقة عدرا لتأمين اليد العاملة ذات الخبرة، فتمّ التأكيد على ضرورة تنسيق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مع الفعاليات الصناعية في المناطق الصناعية لإقامة مراكز تدريب متخصصة تؤمن الخبرات الوطنية الكفؤة وفق خطة تدريب استراتيجية للغرف الصناعية.
وفي نهاية الاجتماع بين رئيس مجلس الوزراء ضرورة إقامة صندوق مالي مشترك في غرفة الصناعة، ووضع خارطة استثمارية للصناعة على المدى المتوسط والبعيد وللقطاعين العام والخاص على حد سواء، لافتاً إلى أهمية التشبيك مع الشركات الخاصة بالدراسات المتعلقة بالصناعات الحقيقية لتطوير القطاع الصناعي وتخصيص كتلة مادية من استثمارات غرف الصناعة للبحوث.