أنقذوا اليمن من أنياب السعودية
ترجمة هيفاء علي
عن لوغراند سوار 5/5/2018
تشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم جراء العدوان الجائر الذي يشنه التحالف العربي بقيادة السعودية عليها منذ عام 2015، وهذا ما اعترف به الأمين العام للأمم المتحدة “انطونيو غوتيرس” قبيل انعقاد المؤتمر الدولي من أجل جمع تبرعات لليمن في 3 نيسان المنصرم. ومع ذلك هناك منافسون كثر للشعب اليمني، وهم لاجئو جنوب السودان الذين ينتشرون في جميع أرجاء شرق إفريقيا و أوروبا، ولاجئو الروهينغا في ميانمار الذين يتدفقون إلى بنغلادش، كما أن هناك جزر تختفي في محيطات الجنوب، ويضرب الجفاف الأراضي الزراعية في الساحل، وتنذر المجاعة بإبادة الصنف البشري.
رغم كل ذلك يبقى الوضع في اليمن هو الأسوأ من بينها بشهادة الأرقام المخيفة التالية : 27 مليون يمني قبل الحرب، 22 مليوناً من الرجال والنساء، أي 80% من السكان، بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة وبدونها هم مهددون بالموت. على سبيل المثال، هناك 18 مليون يمني لا يحصلون على كمية كافية من الغذاء، و 8.5 ملايين آخرين لا يعلمون متى سيحصلون على وجباتهم المقبلة، وكل عشر ثوان يموت طفل في اليمن بسبب الجوع ونقص الغذاء، وسوء التغذية والأمراض، من بينها مرض الكوليرا الفتّاك، وهي تتنافس لقتل أكبر عدد ممكن من اليمنيين علماً أنه ليس من الصعب التغلُّب على هذه المسببات، فإذا كان صحيح أن اليمن بلد فقير فإن الفقر اليوم يطال 79% من السكان.
المدارس أُغلقت، المشافي دُمّرت جراء القصف اليومي من قبل طائرات ما يسمى “التحالف العربي” بقيادة السعودية، والبلد بات محاصراً ومنكوباً، والمساعدات الإنسانية تصل بصعوبة بالغة إلى مطارات وموانئ اليمن.
حرب قذرة:
حقيقةً، تتعرض اليمن لحرب قذرة بكل معنى الكلمة، بدأت عام 2015 عندما شنت السعودية عدوانها على البلاد بناء على طلب الرئيس المخلوع عبد ربه منصور هادي. وسرعان ما لاقت هذه الحرب دعم الولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا. والنتيجة، تدمير البلد بدون وجود أهداف استراتيجية واضحة لا في الوقت الراهن ولا مستقبلاً، وليس هناك أي احتمال ممكن لإعادة هادي إلى السلطة فهو لم يعد له أي مصداقية في اليمن. “هادي “الذي لجأ إلى السعودية محكوماً عليه بالموت من قبل محكمة العاصمة صنعاء. وفي نهاية عام 2017، قيل إن هادي وُضع تحت الإقامة الجبرية من قبل السلطات السعودية التي سمحت له أحياناً بحضور قمم عربية مختلفة حيث يصطف إلى جانب المواقف السعودية بكل سرور.
لكن هذه الحرب ليست وليدة الوقت الراهن وإنما تعود إلى عام 2011 عندما حدثت مظاهرات واحتجاجات أطاحت بحكومة علي عبد الله صالح. بعد ذلك حشدت عدة جماعات قواها واستنفرت عقب رحيل صالح عام 2012. وعلى الرغم من إبرام العديد من الاتفاقات بين هذه الجماعات إلا أنها لم تُنفّذ، مقابل أن يغض السعوديون الطرف عن تنامي نفوذ “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية التي تسيطر على أراض واسعة في منطقة حضرموت في اليمن. ما يعني أن عمليات القصف السعودية تستهدف المدنيين بطريقة ممنهجة.
هل من نهاية لهذه الحرب؟
أعرب المبعوث الأممي الخاص السابق إلى اليمن، ولد الشيخ أحمد، عن نيته عدم إتمام مهمته في اليمن لأن كل المفاوضات التي أُجريت كانت عديمة الجدوى وليس هناك أي إشارة على الحوار الحقيقي والبنّاء بين الأطراف المتنازعة، ولا أي دلالة على إنهاء العنف في البلاد. وعليه عّينت الأمم المتحدة البريطاني- مارتن غريفيث- شغل سابقاً مستشاراً ومبعوثاً خاصاً لثلاث مهمات بين 2012 و2014- ليحل محله، وبعد مرور شهر على مباشرته لمهمته، ظهر على منبر مجلس الأمن على أمل وضع خطة سلام جديدة في غضون شهرين. اعترف “غريفيث” بصعوبة الوضع في البلاد، وسرعان ما نّوه المبعوث الأممي الجديد إلى وجود مجموعات تطلب المزيد من القتال، وأن الطائرات السعودية تواصل قصف اليمن وأن القوات اليمنية ترد على قصف المدنيين بإطلاق الصواريخ البالستية على الرياض، لن يتوقف أيّاً من هذه الأمور، وبالتالي أي إطار للسلام يصعب وضعه وتنفيذه.
في الواقع ليس هناك أي ضغوط تُمارس على السعودية لتوقف غاراتها وعمليات قصفها لليمن، بينما تستمر فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في بيع المزيد من الأسلحة للسعودية، ولعل استقبال هذه العواصم الغربية لولي العهد السعودي على السجاد الأحمر، وهو مهندس الحرب السعودية على اليمن، يظهر عدم وجود أي نية لديها لمعارضة السعوديين حول موضوع اليمن. وهنا من الضروري التنويه إلى أن ألمانيا أوقفت مبيعات الأسلحة إلى السعودية، مع العلم أن حجم هذه المبيعات ليس كبيرا مقارنة بحجم مبيعات الأسلحة الفرنسية والأمريكية والبريطانية لها. وللتذكير أخيراً فإن الفضيحة الكبرى لهذه الحرب تكمن في الكرت الأبيض الذي منحه الغرب للسعوديين لشن عدوانهم الوحشي على اليمن، وبالتالي لن يتعرضوا لأي نوع من الضغوط لإنهاء حملتهم العسكرية الشرسة هذه، بل على العكس سيواصل الغرب ممثلاً ببريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة إبرام صفقات الأسلحة مع مملكة آل سعود مهما كان الثمن البشري والمادي.