المصرف المركزي يتوخى انزلاق المصارف العامة إلى هاوية المخاطر عبر بوابة الجدارة الائتمانية
اتخذ مصرف سورية المركزي تدابير تدرأ انزلاق المصارف نحو هاوية المخاطرة غير المحسوبة، وذلك عبر اعتماده لمجموعة من التعليمات التنفيذية الصارمة لجهة منح تمويل للقروض الإنتاجية، إذ توحي هذه التعليمات أنه في حال الالتزام بها حرفياً منع أية محاولة للتزكية أو المحسوبيات التي شكلت في وقت سابق منحدراً جرف المصارف العامة نحو مستنقع القروض المتعثرة، ويتبين من خلال الوقوف على تفاصيل هذه التعليمات تشدد المصرف المركزي في اعتماد معايير دقيقة لآلية المنح وطرق التسديد والسماح بعد رصد الجدارة الائتمانية للمتعامل من خلال دراسة شاملة تثبت قدرة المتعامل على تسديد الالتزامات المترتبة عليه، وترصد التدفقات النقدية لمشروعه، بالإضافة إلى اعتماد معادلة رصيد المكوث التي تشجع كل من يرغب بالتمويل بتوطين حساباته المالية وودائعه ضمن المصرف، كما ويستشف من تكرار جملة “بذل العناية الواجبة” للتأكد من آلية المنح وإعداد بطاقات الاستعلام الحديث، إصرار المصرف على تجاوز الهفوات التي قد تعترض عملية التمويل بالمتابعة الدقيقة والشخصية لمسار القرض وآلية التوظيف.
مخاطر
وحرص المصرف المركزي على اعتماد ضوابط لمخاطر الائتمان قبل الشروع بالتمويل لحضر تمويل أي نشاط أو قبول ضمانات في المناطق غير الآمنة أو غير المستقرة مهما كان نوعها، وحدد ضمن التعليمات بعض الأسس التي يمكن الاستئناس بها لتحديد المناطق الآمنة كبيانات موثقة من الجهات الرسمية، أو وجود فرع للمصرف في المنطقة المحددة يمارس نشاطه بشكل فعلي، إضافة إلى بيان إمكانية وصول الخبراء العقاريين لموقع الضمانات وتخمينها، وتأكيد إدراج صورة الخبير بجانب الضمانة المخمنة وأرشفتها.
تمويل إنتاجي
وفيما يخص ضوابط التسليف الخاصة بمنح تمويل إنتاجي (تمويل أو إنشاء أصول إنتاجية)، فكان تقييم الجدارة الائتمانية للمتعامل بما يساهم في اتخاذ القرار الائتماني السليم والتخفيف من المخاطر المحتملة المرتبطة بالتمويل عند المنح أول الشروط، وذلك من خلال دراسة قدرة المتعامل على تسديد الالتزامات المترتبة عليه بتاريخ استحقاقها والناتجة من عوائد النشاط الفعلي للمتعامل الذي تم منحه التسهيل لأجله من خلال دراسة القوائم المالية للمتعامل من “قائمة الميزانية – قائمة الدخل – قائمة التدفقات النقدية” ودراسة مدى كفاية هذه التدفقات الناتجة عن الأنشطة التشغيلية لتغطية الالتزامات المترتبة على المتعامل، مضافاً إليه التأكد المسبق من استكمال كافة الوثائق والثبوتيات والبيانات المطلوبة واللازمة لمنح التمويل واتخاذ القرار الائتماني، كما نصت التعليمات على ضرورة وجود وثائق وسجلات موثقة تثبت توفر تدفقات نقدية نشطة مرتبطة بالأصل الإنتاجي، سواء من خلال السجلات التاريخية أم من خلال دراسات الجدوى الاقتصادية بحيث تكون كافية لتغطية أصل التسهيل والعوائد خلال فترة التمويل.
بذل العناية
وشددت تعليمات المصرف المركزي على ضرورة بذل العناية الواجبة للتأكد من أن المنح يتم لغايات شراء أو إنشاء أصول إنتاجية حصراً، وذلك عبر إجراء الكشف الحسي على مكان نشاط المتعامل، وتنظيم النموذج الخاص بالكشف الحسي. وشملت التعليمات بطاقات استعلام حديث عن كافة المعلومات التي توثق النشاط كنوعه ومكانه، والسمعة التجارية للمتعامل، على أن ترصد البطاقة مصادر تجارية مجاورة للعميل أو مكان النشاط التجاري .. إلخ” مع تصوير مكان الفعالية.
رصيد المكوث
وأكدت التعليمات التنفيذية على توظيف معادلة رصيد المكوث من خلال عدم تجاوز سقف التمويل الممنوح لأي متعامل 30 ضعفاً من وسطي رصيد المكوث، لمجموع الحسابات الدائنة للمتعامل (جاري دائن – ودائع لأجل – حسابات توفير – بطاقة صراف دائنة) بالليرة السورية، ومنعت بموجبه قبول أي طلب منح لأي متعامل (أو مجموعته المترابطة) يتجاوز الحد الأقصى المذكور، بالإضافة إلى طلبها ضرورة الحصول على تأمين على الأصل الإنتاجي ضد الأخطار المحتملة إن أمكن ذلك من المؤسسة السورية للتأمين.
استثناء
وأكدت التعليمات على عدم تجاوز سقف التمويل الممنوح 65% من قيمة الأصل الإنتاجي واستبعاد قيمة الأرض في حال كانت من مكونات الأصل الإنتاجي، ولكنها فتحت باب رفع النسبة إلى 75% أمام المشاريع التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، أو تصدر أكثر من 30% من إجمالي إنتاجه بالنسبة للمشاريع القائمة، أو أن تكون من المشاريع التي تتميز بالكثافة العمالية ما فوق الـ50 عاملاً ومسجلين في التأمينات الاجتماعية، أو يعتمد في إنتاجه على مدخلات محلية تفوق نسبة 50% من إنتاجه.
40 ضعفاً
فيما يخص ضوابط التسليف الخاصة بمنح التمويل السكني، فحددت التعليمات ألا يتجاوز التمويل ما نسبة 75% من قيمة المشروع السكني، إضافة إلى عدم تجاوز فترة سقف التمويل الممنوح لأي متعامل 40 ضعفاً من رصيد المكوث، وفترة تسديد التمويل لـ15سنة، مع التأكيد على ضرورة تقييم الجدارة الائتمانية واستكمال كافة الوثائق والبيانات المطلوبة، والتأكد من أن المنح لغايات تمويل المسكن.
السمعة الجيدة
وركزت ضوابط التسليف الخاصة بمنح تمويل حسم السندات بالليرات السورية لدى دراسة طلب المنح أو تجديد تسهيلات حسم السندات، على التأكد من وجود علاقة تجارية فعلية بين أطراف العقد “الساحب والمسحوب عليه”، والسمعة الجيدة لجهة التزامه بتسديد المبالغ عليه سواء للقطاع المصرفي أو ضمن الوسط التجاري الذي يتعاملون فيه، إضافة على صحة السند لجهة جميع الشروط الشكلية والقانونية، وحصر عملية حسم السند على المستفيد الأول من السند، على ألا يتجاوز قيمة السندات المحسومة للمتعامل الواحد ومجموعته المترابطة في أي يوم عن مبلغ 250 مليون ليرة سورية، إضافة إلى كافة الإجراءات التي تتطلب استكمال الوثائق والبيانات المطلوبة.
وشملت التعليمات ضوابط خاصة بمنح اعتمادات مستندية لتمويل عمليات التجارة الخارجية، وحظرت على المصارف تمويل اعتمادات لأي متعامل بأكثر من 30 ضعفاً من رصيد المكوث، أو إصدار اعتمادات قابلة للنقض، أو قابلة للتداول بشكل مفتوح.
فاتن شنان