أعلى درجات الحسد
الحسد والغيرة هما الجزءان الخاصان من الروح البشرية موجودان في كلّ مكان، بهذه الكلمات اختصر نيتشه أبحاثه في سبر الغرائز والمشاعر البشرية. وبحسب وصف أرسطو “الحسد ليس رغبة حميدة إنما هو الألم الناجم عن الحظ السعيد للآخرين”. وحقيقةً كل من عرف الحظ السعيد، عبر التاريخ وعبر الثقافات، كان يخشى ويقيم دفاعات ضد “العين الشريرة”.
لقد ساهمت وسائل الإعلام الاجتماعية في توليد آفاقٍ جديدةٍ للكره والحسد، وخاصة تلك التي تَعرضُ تقارير مصورة لمشاهير أو حتى أصدقاء افتراضيين، فالحسد من بين جميع العواطف الأخرى، هو الأكثر أهمية واستمرارية.
ولكن هل هناك شيء يمكن تعلمه من الحسد؟
إذا كان سقراط على حق والحياة غير المجربة لا تستحق العيش، فمن المؤكد أننا يجب أن نفحص مشاعرنا للعثور على ما نهتم به حقاً في مقابل ما نود أن نعتقد أننا نهتم به. بمعنى، غالباً ما نجد سبباً لنغضب من الآخرين الذين نحسدهم، ولكن إذا تمكنا من تحديد مكمن الحسد في أنفسنا، عادةً يمكننا إخماده. هذا الوعي نفسه يمكن أن يساعد أيضاً في تخفيف الأحكام الأخلاقية. فعندما يفاخر أحد الأقرباء والبالغ من العمر ستين عاماً، بأنه قد أكمل مؤخراً ماراثوناً خيرياً، تمكنت من استخدام تفكيري للابتعاد عن الحسد، بأن فكرت، بدلاً من إرهاق نفسي بالتدرب لعدّة أميال كل يوم، لماذا لا أقضي بعض الوقت في تعليم بعض الأطفال المحتاجين.
واليوم، هناك أناس مقتنعون بأن الوعي الذاتي غير مجدٍ نسبياً، وأن معرفة الذات لن تغير المشاعر التي نعرفها. ربما يعرف هؤلاء المشككون شيئاً لا نعرفه، لكن بالتجربة حين لا نستطيع اختيار ما نشعر به، نمتلك التأثير على كيفية فهم مشاعرنا، وبالتالي فهم الذات يمكن أن يعدّل تلك المشاعر.
سامر الخيّر