أكثر من 157 ملياراً أرباح 36 شركة مساهمة عامة.. وربــــط افتراضـــي بينهـــا وبيـــن القـــروض المتعثـــرة يكشـــف عـــن ســـقف مفتـــوح للخســــائر
دفعنا التقارب النسبي بين رقم القروض المتعثرة البالغة 186 مليار ليرة، وأرباح 36 شركة مساهمة عامة والبالغة 157.795 مليار ليرة، إلى محاولة الخوض في غمار تحليل افتراضي لتوظيف هذه القروض ضمن مسارات التنمية.. وإليكم ما توصلنا إليه..
مقاربة
إذا ما علمنا أن مجموع الموجودات لكافة هذه الشركات يقارب الـ 2060 ملياراً -وفق تقرير الحوكمة الصادر عن هيئة الأوراق الأسواق المالية السورية- وأسقطناه على واقع القروض المتعثرة وافتراض توظيفها في قنوات استثمارية، نجد أن الخسارة الفعلية لهذه القروض كبيرة جداً، وتبدأ عملياً من انخفاض قيمتها الشرائية بنحو عشرة أضعاف كون أن تاريخها يعود لما قبل الأزمة أيام كان سعر الدولار 48 ليرة سورية، أي أن قيمة الـ 186 ملياراً مقومة بالدولار تعادل حالياً الـ 1860 ملياراً، وهذا الرقم يقارب موجدات الشركات آنفة الذكر، وبالتالي يمكن أن يكون نتاج التوظيف الحقيقي -فيما لو قدر لهذه القروض يقارب أرباح الشركات البالغ 157.795 ملياراً، مع الأخذ بعين الاعتبار إلى أن هذه الأرباح مستمرة سنوياً، حيث أشار تقرير الحوكمة إلى أن أرباح هذه الشركات بلغ 107.326 مليارات عام 2015..!
توزيعات ثابتة
أردنا البدء بهذا المدخل في محاولة منا إعطاء مزيد من الزخم للشركات المساهمة العامة من جهة، وإبراز توظيف المال كشرط لازم للتنمية..ولعل اللافت أنه وبالرغم من الصعوبات التي فرضتها الأزمة الحالية على الشركات المساهمة وعلى أدائها، فقد استطاعت هذه الشركات التي تنتهج سياسات التوزيعات السنوية، المحافظة على نسب توزيعات ثابتة تقريباً خلال سنوات الأزمة وخاصةً في قطاعات التأمين والاتصالات والصناعة، حيث قامت 14 شركة بتوزيع أرباح نقدية، و3 بتوزيع أسهم مجانية بناءً على قرارات اجتماعات الهيئات العامة عن عام 2016 من الشركات التي عقدت اجتماعات هيئاتها العامة، ومنها 10 شركات مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية في قطاعات المصارف والتأمين والخدمات والصناعة، مقابل 15 شركة قامت بتوزيع أرباح عن عام 2015، ما يشير إلى أهمية هذا النوع من الشركات ومدى انعكاس نشاطه الاستثماري والتجاري على أكبر شريحة ممكنة، خاصة إذا ما علمنا أن مجموع عدد مساهمي هذه الشركات 88.729 ألف مساهم في نهاية 2016، مقابل 76.667 ألف مساهم نهاية العام 2015 أي بزيادة بلغت نسبة 16%.
فيما يبلغ عدد المساهمين الاعتباريين 261 مساهماً عام 2016 مقابل 237 عام 2015، أي بزيادة بلغت نسبتها 10%. وهو ما يعادل 0.3% من إجمالي عدد مساهمي الشركات التي شملها التقرير، ويراوح العدد ما بين 121 مساهماً في قطاع المصارف، و9 مساهمين في قطاع الخدمات، بينما لا يوجد أي مساهم اعتباري في شركات الصرافة. كما يبلغ متوسط عدد المساهمين من الشخصيات الاعتبارية ما يقارب 7 مساهمين في إجمالي الشركات التي شملها التقرير. ويبلغ متوسط ملكيات الشخصيات الاعتبارية ما يقارب 45% إجمالي الشركات التي شملها التقرير مقابل 55% للمساهمين الطبيعيين، وتراوح نسبة الاعتباريين ما بين 93% في قطاع الاتصالات و39% في قطاع الخدمات.
مشاركة بالقرار
وعلى اعتبار أن حقوق المساهمين المتعلقة باجتماع الهيئة العامة للشركة تمثل مدخلاً مهماً لممارستهم لدورهم كأصحاب لرأس المال من خلال مشاركتهم باتخاذ القرارات الهامة التي تقيم أداء الإدارة خلال العام وتؤثر في مسيرة الشركة وخططها للعام التالي على أقل تقدير، وعلى اعتبار أن قانون الشركات ينص على ضرورة عقد الهيئة العامة للشركة المساهمة مرة على الأقل في السنة خلال موعد لا يتجاوز الأشهر الأربعة التالية لنهاية السنة المالية، فقد عقدت 33 شركة اجتماعات هيئاتها العامة عن عام 2016 من الشركات الـ 36 شركة التي شملها التقرير باستثناء كل من الشركة العربية السورية لتنمية المنتجات الزراعية – غدق، والهندسية الزراعية للاستثمارات – نماء، وشركة بيكو للصرافة.
والتزمت 13 شركة بعقد هيئاتها العامة ضمن مهلة الأربعة أشهر وفق قانون الشركات، أي بنسبة التزام بلغت 401%، وهذا مرده إلى الظروف الحالية التي أدت إلى صعوبة عقد اجتماعات الهيئات العامة ووجود أعضاء لمجلس الإدارة وكبار المساهمين، ومن أصل الشركات الـ 33 التي عقدت اجتماعات هيئاتها العامة عقدت 6 شركات اجتماعات هيئات عامة غير عادية مقابل 27 شركة عقدت اجتماعات هيئات عامة عادية. وبلغ متوسط نسبة الحضور لاجتماعات الهيئات العامة للشركات الـ 33 التي عقدت اجتماعات هيئاتها العامة ما يقارب 69%، وتراوح هذه النسبة ما بين 58% في قطاع الصناعة و89% في قطاع الاتصالات.
الإفصاح هو الأساس
ونشير قبل أن نختم إلى أن الإفصاح هو العنوان الأبرز للشركات المساهمة العامة، وبالتالي يفترض أن يكون عاملاً مساعداً باتجاه توسيع دائرة انتشار هذا النوع من الشركات، كون أن الإفصاح بالنتيجة أهم أدوات حماية حقوق المساهمين والأطراف أصحاب المصالح في الشركة من خلال ضمان تدفق دائم للمعلومات المنتظمة والموثوقة عن جميع أوجه نشاط الشركة وتطورها بشقيها المالي وغير المالي، وهو ما يؤدي إلى قرارات استثمارية رشيدة تسهم في رفع مستويات كفاءة السوق المالية، والوصول إلى مستويات الشفافية التي تطمح إليها الدول لما يمكن أن تحدثه من فروقات في جذب الاستثمارات، إضافةً إلى أن الإفصاح هو أهم قنوات التواصل بين المساهمين والأطراف ذات العلاقة وإدارة الشركة. كما تسهل تطبيقات الإفصاح عمل المحللين والمستشارين الماليين إضافةً إلى أن الإفصاح هو الطريق الأفضل للتعرف على المخاطر.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com