عندما يختصر التأهيل في 6 أيام وبعدها “دبرو حالكون” زحام الدورات الإعلامية يؤثر على الجودة.. والمرجو “لقاء وارتقاء”
دمشق – ريم ربيع
حرض الانتشار العشوائي والواسع للمعاهد ومراكز التدريب والتأهيل الخاصة التي اختارت التدريب الإعلامي وسيلة لكسب المال، اتحاد الصحفيين الذي حاول التسلح بتعميم رئيس مجلس الوزراء الذي يمنع تنظيم أي دورات إعلامية دون موافقة مسبقة ليكثّف نشاطاته في دمشق والمحافظات، بغية تنظيم التدريب وتأهيل الكوادر العاملة في الإعلام ورفع كفاءتهم على حد تعبير القائمين على هذه الدورات.؟
وإذا كانت تجربة خواتيم الدورات نموذجاً؟ فقد بدا جلياً في الدرجة الأولى أنّ مدرب دورة دمشق التي انتهت مؤخراً لم يكن مقتنعاً بتسمية “دورة تدريبية”؛ لأن ستة أيام لا يمكن أن تصنع صحفياً، ما دفعه إلى التنويه يومياً إلى تسميات أخرى مثل ورشات أو لقاءات أو فترات تدريبية. ليبقى السؤال عن ماهية دورة تدريبية ومدى تنظيمها إن كان اسمها مبهماً للمدرب نفسه!
وإذا كان الهدف من هذه الدورات الارتقاء فعلاً نحو الأفضل والربط بين الواقع الأكاديمي والمهني، فلماذا تعتمد كلها على نفس المدرب الأكاديمي، الذي يحاول جاهداً الابتعاد عن أسلوب المحاضرة من خلال بعض التدريبات العملية، إلا أن ظروف الوقت والمكان وطبيعة المعلومات التي يجب أن تقدم تفرض طريقة التلقين، في ظل قلّة المدربين ولاسيما من فئة الصحفيين المهنيين أصحاب الخبرة والاحتكاك مع واقع العمل عن هذه الدورات التي قصدها العشرات آملين بالاقتراب خطوة من الممارسة الفعلية للعمل الصحفي، فاعترضتهم الطريقة النظرية ووجدوا أنفسهم من جديد أمام شرخ كبير بين المهني والأكاديمي، فخريج كلية الإعلام الذي يذهب لحضور الدورة يجد نفسه أمام أستاذه الجامعي، يتلقى نفس المعلومات التي درسها في الجامعة وبنفس الأسلوب، فهل يمكن القول إنه حقق استفادة تمكّنه من اتقان الجانب المهن؟ أما الصحفي ذو الخبرة الطويلة فعندما يتابع المدرب يتحدث عمّا يجوز ولا يجوز في كتابة الخبر، يجد نفسه أمام تناقض بين ما يسمع وما تطلبه منه الوسيلة التي يعمل بها، فلكل وسيلة إعلامية أسلوبها الخاص الذي تقدم به نفسها، ومحاولة تقويم هذا الأسلوب والوصول إلى خطاب إعلامي سوري معاصر لا يكون جزافاً، بل هو بحاجة إلى دراسة حقيقية تكون من خلال التنظيم وليس تقديم خيار عشوائي آخر كرد فعل مستعجل.
فالدورات التي تضم محررين ومعدين ومذيعين ومهندسين وتقنيين وطلاب إعلام تقدم المعلومة ذاتها لكل هذه الفئات معاً! إذ ما من أساس لاختيار المتدربين، وما من رابط يجمع بينهم، حيث يجلس طالب الإعلام المستجد إلى جانب صحفي يمارس العمل الميداني لعشرة أو خمسة عشر عاماً، ويكتبان سويّاً ما تعريف الخبر.! فهل من واجب المدرب أن يعتذر عند بداية كل فترة تدريبية عن تقديم معلومات قد تكون بديهية للبعض قائلاً “اتحملونا بس في ناس مابيعرفوا هالمعلومات” أو أن وضع أساس وتنظيم سليم للفئات من واجب القائمين على الدورة في المقام الأول؟ وهل تعد ستة أيام تدريبية مدة كافية ليتحمل أصحاب الخبرة أن يدرسوا من جديد تعريف الخبر وقوالبه.؟
36 ساعة تدريبية؛ ساعتان منها افتتاح وثلاث اختتام، وساعتان قُدِّم فيهما محاضرة عن العلاقات العامة، لم يجد فيها المحاضر سبورة أو مكبرات صوت أو ميكرفوناً جيداً في ظل غياب أية معدات تقنية، وساعتان استراحات، عدا الوقت المعطى لكتابة الأخبار والتطبيقات العملية، ليتبقى بأحسن الأحوال 25 ساعة تدريبية نتحدث فيها عن الخبر والتقرير والسياسة التحريرية والقصة الخبرية ولغة الخبر..! وعلى المتدربين أن يتابعوا بأنفسهم دراسة هذه العناوين كلها بشكل تفصيلي. فاتحاد الصحفيين وعلى لسان رئيسه يعول عليهم ويحملهم المسؤولية في تأهيل أنفسهم، لأن وقت الدورة غير كافٍ، مفسحاً لهم المجال من جديد أن يبحثوا عن معاهد أخرى تقدم تفاصيل لهذه العناوين التي لم يجدوها في دورات الاتحاد، وبهذا نعود إلى نقطة الصفر والاعتماد على المعاهد العشوائية.
وبناءً على ما سبق يحق لنا أن نسأل أين هي المعايير التي قرر الاتحاد على أساسها البدء بهذا المشروع التدريبي؟ وكيف تمت دراسة هذا المشروع طالما نرى كل هذا التخبط؟ أليس من المفترض تدريب كل فئة على حدة بما يناسب صيغة عملها؟ وإن كان الهدف تطوير اللغة الإعلامية، لماذا لم نرَ دورات لتدريب كافة مفاصل العمل الإعلامي بهدف الارتقاء نحو الأفضل أكثر من مجرد شعار نتغنى به دون نتائج ملموسة.