تعاون دولي ومنهاج عمل وطني لتنفيذ الإعلان العالمي للحماية وإعادة التأهيل والدمج الاجتماعي
دمشق– حياة عيسى
رغم صدور قانون العمل /17/ لعام 2010 المتضمن في أحد فصوله حماية الطفل “الحدث” ورعايته ومنع تشغيله قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو سن الـ/15/ سنة، وتحديد نظام التشغيل والشروط والأحوال التي يتم فيها التشغيل وكذلك الأعمال والمهن والصناعات التي يحظر تشغيلهم فيها وفقاً لمراحل السن المختلفة، إضافة إلى منع تشغيل “الحدث” أكثر من ثلاث ساعات متواصلة أو 6 ساعات يومياً ومنع تكليفه بساعات عمل إضافي، إلا أن المشاهدات تشير إلى تفاقم واتساع ظاهرة عمالة الأطفال في كافة المنشآت والمعامل في المناطق الريفية لصعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة لعدد الأطفال المنخرطين في العمل على كامل الامتداد الجغرافي، حيث بيّن مدير قوى العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمود الدمراني في حديث خاص لـ”البعث” أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن عمل الأطفال، ولاسيما أن آخر الإحصائيات التي تمّ الحصول عليها من الجولات التفتيشية تعود لعام 2008 والتي سجلت /503/ حالات لتشغيل الأطفال، ويعدّ عدداً منخفضاً لا يعبّر عن واقع الظاهرة في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن لانخفاض مستوى المعيشة والتفاوت الاجتماعي دوراً كبيراً في تفشي تلك الظاهرة، ناهيك عن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والمالية، وضعف مؤشرات الكفاءات التعليمية وعدم جاذبية المناهج وأساليب ووسائل التعليم وغياب أو عدم توفر مستلزمات التعليم بالتزامن مع عدم المواءمة مابين المناهج التعليمية وسوق العمل، وضعف المكانة الاجتماعية للعلم والقيم العلمية وسيادة نمط التفكير العلمي، إضافة إلى ضعف الروابط الأسرية والتفكك الأسري وارتفاع حجم الأسر، وفاة المعيل، الخلافات الزوجية.
وأضاف الدمراني: إن لعمالة الأطفال دوراً خطيراً على الطفل والمجتمع ولاسيما فيما يخصّ ضياع فرصة التعليم والتدريب والتأهيل المناسب، والخروج عن قواعد التنشئة الاجتماعية الأسرية وحدوث خلل في الأدوار الاجتماعية وتشوهها، إضافة إلى الانحراف والانخراط بسلوكيات أو أعمال أو مهن خارجة عن القانون، والتعرض لظروف عمل لا تتناسب والحالة النمائية الجسدية والوجدانية، الأمر الذي دفع بالوزارة حالياً لتنفيذ عدد من السياسات التي تتمثل بتطوير البيئة التشريعية لنظم الحماية الاجتماعية، ومنها ما يهدف للقضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال (قوانين الفئات الاجتماعية الهشة)، المتسولين، الأحداث الجانحين، الأيتام والأطفال فاقدي الرعاية الأسرية، إضافة إلى إنجاز إدارة حالة لتسع حالات حماية طفل (رصد، إبلاغ، إحالة) منها التسول والتشرد، عمل الأطفال، الاتجار بالبشر، تجنيد الأطفال، العنف الجسدي والجنسي، بالتزامن مع تعزيز كفاءة مفتشي العمل وبيئة العمل من خلال اتباع سياسة قوية ومجدية لمراقبة تنفيذ القوانين والتشريعات الناظمة لعمل الأطفال ووضع عقوبات قاسية ورادعة تكون كفيلة بالحدّ من عمالة الأطفال، ولاسيما أنه صدر عدد كبير من القرارات الوزارية المتضمنة مخالفة لبعض أصحاب العمل الذين يشغلون الأطفال خلافاً لأحكام قانون العمل رقم/17/ لعام 2010 وفرض غرامات مالية بحقهم، مشيراً إلى تعزيز الدور التنموي للمنظمات والمؤسسات الأهلية وبناء قدرات المؤسسات والمنظمات غير الحكومية والتشبيك فيما بينها، بالتزامن مع تعزيز شراكة القطاعين العام والأهلي ودور رجال الدين في التوعية تجاه الأحوال الشخصية، أهمية التعليم ومحو الأمية، وتخفيض نسب الجريمة ومعالجة المشكلات والتشوهات الاجتماعية ونشر أسس الحوار المعتدل والاجتماعي، والقضاء على عمالة الأطفال وظواهر التسول والتشرد والمخدرات والإيدز، ومكافحة التدخين وترشيد استهلاك الطاقة والمياه والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والإعاقة والإرشاد النفسي والسلوكي.
وأشار مدير العمل إلى وجود تعاون مع منظمات دولية لمكافحة تلك الظاهرة من خلال المصادقة على اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة واعتمدت منهاج العمل الوطني لتنفيذ الإعلان العالمي لحماية الطفل ونمائه، وإعادة تأهيل الأطفال العاملين ودمجهم اجتماعياً مع العناية بحاجات أسرهم. كما أبرمت منظمة العمل الدولية مع الوزارة مذكرة تفاهم لإطلاق مشروع جديد يتصدى لتفشي ظاهرة عمل الأطفال، ويهدف إلى سحب وتأهيل الأطفال المنخرطين في أسوأ أشكال عمل الأطفال وتعزيز القدرات الوطنية والمحلية على التصدي لعمل الأطفال، وتوفير فرص التدريب المهني للشباب والآباء الأطفال العاملين كنقطة خروج من عمل الأطفال، بالتزامن مع إعادة تفعيل عمل اللجنة الوطنية المعنية بالقضاء على عمل الأطفال.
يُشار إلى أن منظمة العمل الدولية قد نفذت في عامي 2010-2011 البرنامج الوطني للقضاء على أسوأ أشكال “عمل الأطفال”، وتضمن البرنامج تنمية قدرات الحكومة وأصحاب العمل والنقابات العمالية والمنظمات غير الحكومية لتكون شريكاً فاعلاً في الجهود الرامية إلى القضاء على عمالة الأطفال.