الحلويات السورية.. عراقة وشهرة !
تعتبر الحلويات السورية من أشهر أنواع الحلويات في العالم لما تتميز به من مذاق لذيذ، مئات الأصناف والأنواع التي لا تعد ولا تحصى، والتي اكتسبت شهرة عالمية عبر الزمن.
تمتاز الحلويات السورية بأنها من أكثر الحلويات التي يتم البحث عنها يومياً عبر شبكات الأنترنت، إضافة إلى أنه يكاد لا يخلو برنامج من البرامج المتعلقة بتعليم الطبخ، وصنع الحلويات من صنف أو أكثر للحلوى السورية، ولا نخفي الدور الكبير الذي لعبه السوريون المنتشرون في مختلف أنحاء العالم بالتعريف بها، فقد عمل الكثير منهم على نقل خبرتهم في صنع الحلويات إلى البلدان التي انتقلوا للعيش بها، فأصبحت صناعة الحلويات مصدر دخل ورزق لكثير منهم، خاصة أنهم نقلوا سر النكهة والحرفية، ما جعلها تتمتع بهوية خاصة بها.
“بعد العيد ما في كعك”
صناعة الطعام هي جزء من هوية وثقافة وخصوصية أي بلد، وللسوري حضور مميز يعكس مدى حضارته وذوقه الرفيع، حيث يتفنن أصحاب محلات الحلويات بطريقة تقديم وعرض بضائعهم على واجهات متاجرهم، وذلك لجذب انتباه الزبائن، ولطالما كانت الحلويات من أهم الهدايا التي يصطحبها الناس معهم لتقديمها في المناسبات، والمثل الشعبي يقول: “بعد العيد ما في كعك”، في دلالة على أهمية وجود الحلويات في البيت السوري، والتي رغم ارتفاع أسعارها تعتبر من الطقوس الجميلة التي يحرص الناس على تقديمها في الأعياد، حتى ولو بشكل محدود، فهي بالثقافة الشعبية السائدة تدل على الفرح، وتضفي نكهة خاصة ومختلفة في الأعياد.
شعب خلّاق وناجح
المدن التي تمتلك طابعاً موسيقياً، ومطبخاً خاصاً بها قليلة جداً، ولا يختلف اثنان على أن سورية واحدة من أهم مواطن صناعة الحلويات في العالم، أو كما يطلق على العاملين بها تسمية “البغجاتية”، فهذه الصناعة معروفة بالمواد الطبيعية الغنية بالنكهة المتميزة التي كما يقال تبقى طعمتها تحت لسانك، وبالخبرة عالية المستوى التي تتوارثها الأجيال، ورغم كل التطوير الذي يطرأ على بعض الأنواع لتناسب كل الأذواق وصنعها وفق مقتضيات العصر، إلا أنها تحتفظ بروح المنتج، بحيث لا تغير هويتها، وطابعها الحرفي التقليدي، حتى المرضى الذين تمنعهم حالتهم الصحية من تناول الحلويات، تمكن الحرفيون السوريون من صنع حلوى خاصة بهم خالية من السكر، والمعروف عن السوريين استهلاكهم الكبير للحلويات، ما جعلهم في قائمة الصناع المهرة، ومن أوائل المصدرين للحلويات الشرقية العريقة في العالم، ولا يمكن أن نذكر الحلويات من دون التطرق لحي الميدان العريق الذي يعد من أشهر الأحياء الدمشقية المشهورة بصناعة الحلويات على مستوى القطر، وحتى المنطقة، ويشير أحد مصنعي الحلويات في الحي المذكور إلى أن هذه الصناعة كانت قديماً مرتبطة بالمطابخ التي تعد الوجبات الخاصة لما كان يُعرف بالبكوات والبشوات، حيث كانت ترفق هذه الوجبات بالحلويات.
تسميات طريفة لأصناف الحلويات
البقلاوة، عش البلبل، والنابلسية، والمحلاية، وغيرها الكثير من الأنواع والأصناف التي يصعب حصرها، إضافة إلى شهرة الحلويات الحلبية والدمشقية، فمن الكرابيج الحلبية، إلى الآسية الدمشقية، والفواكه المجففة، وقمر الدين، والمعروك، إلى النابلسية اللاذقانية التي انتقلت من سورية إلى العديد من الدول العربية، لدرجة أن تلك الدول أصبحت تعتبرها جزءاً من مطبخها المحلي لا يمكن الاستغناء عنه، وفي الحقيقة معظم هذه الأصناف تلازم وجودها مع مناسبات دينية كشهر رمضان على سبيل المثال، فالقطايف هي الحلوى الأشهر في شهر الصيام شعبياً، ما جعلها طقساً من طقوسه التي تعود، حسب بعض الروايات، للعصر العباسي، ومنهم من يقول للأموي والدمشقي، ويقال، على ذمة الرواة: إن أول من تناول هذه الحلوى الشهيرة هو الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، وبعض الروايات تذهب لتقول: إن سبب تسميتها بهذا الاسم يعود للعصر الفاطمي، حيث كان الطهاة في وقتها يتنافسون في تحضير أنواع الحلويات في شهر رمضان، وكانت فطيرة القطايف من ضمن هذه الحلويات التي يتم تحضيرها بشكل جميل مزين بالمكسرات، ومقدم بطبق كبير، فكان الضيوف يتقاطفونها بشدة للذتها، لذا سميت بهذا الاسم.
ربما السر في النكهة الخاصة للحلوى السورية، إضافة إلى الإتقان والمهارات والخبرات لحرفييها عبر الأجيال، ينبع أيضاً من موقعها الجغرافي الهام الذي مكنها من أن تتمتع بأهم المواد الخام التي تغني الصنف، وتجعله خاص النكهة كالعسل، والفستق الحلبي، واليانسون الدمشقي، وماء الزهر، والليمون، والسمن، إلخ من مواد لها سحرها المميز.
لينا عدرة