ميسي ونيمار في قفص الاتهام منتخبات أمريكا الجنوبية تخيّب الآمال مجدداً..
مهارات ونجوم وأضواء، لكن دون نتيجة تذكر، تلك حصيلة مشاركة المنتخبات الأمريكية الجنوبية في المونديال الروسي، فكثرة الجعجعة التي سبقت المنتخبات الخمسة القادمة من القارة اللاتينية لم تثمر نجاحاً لا فردياً ولا جماعياً، وكان الحصاد صفراً للمونديال الرابع على التوالي.
ومع كونها القارة الوحيدة التي تأهلت تسعة من منتخباتها العشرة إلى كؤوس العالم، إلا أن التراجع الذي أصاب القارة التي استضافت أولى المونديالات بات واضحاً للعيان، وأسبابه تبدو كثيرة.
النجم الأوحد
ولعل أبرز أسباب التراجع اللاتيني كان بقاء طريقة التفكير الكروية القديمة على حالها دون تطوير، وخاصة تلك التي تعتمد على النجم الواحد، فعلى سبيل المثال انتزع الثنائي ليونيل ميسي، ونيمار داسيلفا ترشيحات أغلب وسائل الإعلام العالمية لقيادة منتخبي بلادهما للظفر بالمونديال الحالي، متناسية بقصد بقية النجوم الذين تضمهم منتخباتهم، والذين لا يقلون مهارة عن الثنائي المذكور.
ومع تقدم مباريات البطولة وضح أن الثنائي غير قادر على صناعة الفارق منفرداً، بل كانا في بعض الأحيان عالة على زملائهما الذين كانوا مضطرين للعب دور “الكومبارس” دون أن يكونوا فاعلين تحت سطوة نجومية ميسي ونيمار، كما أن الثنائي لم يكونا صاحبي شخصية قيادية تؤهلهما للعب دور القائد الحقيقي، فأحدهما كان حاضراً غائباً دون أن يكون له ربع تأثيره مع ناديه، والآخر انشغل بالتمثيل، والتمويه، واستفزاز الخصوم.
عقلية غريبة
وبلا شك فإن العقلية الاحترافية التي تميز اللاعب الأوروبي ليست مكتملة لدى لاعبي أمريكا اللاتينية، والأمثلة كثيرة على ذلك، لكن العامل الأهم الذي لفت الأنظار كان غياب الروح القتالية عن لاعبي منتخبي الأرجنتين، والبرازيل بشكل خاص، وتحديداً في المباريات الحاسمة.
فمن يشاهد غابرييل جيسوس مع مانشستر سيتي الانكليزي سيظن أننا أمام لاعب آخر يحمل الاسم ذاته مع المنتخب البرازيلي، والأمر ذاته ينطبق على باولينيو، وكاسيميرو، وتياغو سيلفا، فيما كان لاعبو منتخب الأرجنتين أسوأ حالاً، وكأن البطولة لا تعنيهم، والدليل مباراة فرنسا التي فرّطوا فيها بالتقدم دون أن تبدو أية مقاومة.
ويبقى التفسير المنطقي لهذه الحالة هو عامل المال والأضواء الذي أغرى البعض، وجعله يتصرف مع منتخب بلاده على أنه تأدية واجب، أو بأحسن الأحوال منافسة من الصف الثاني ليس إلا.
أسماء من ورق
صحيح أن أغلب لاعبي أمريكا الجنوبية ينتشرون في أقوى الدوريات الأوروبية الكبرى، ويشكّلون العمود الفقري لأفضل أنديتها، إلا أن أرض الملعب التي تشكّل أكبر امتحان لهؤلاء النجوم لا تشهد على هذا الكلام النظري، وخصوصاً إذا تم إجراء مقارنة بين نجوم اليوم ونجوم السنوات القريبة الماضية، صحيح أن نيمار يشكّل ظاهرة فريدة، إلا أنه لا يمكن مقارنته من حيث الإنجازات والفاعلية مع رونالدينهو، ومع كل الاحترام لغابرييل جيسوس أو فيرمينيو، إلا أنهما لا يشكّلان نقطة في بحر إبداعات رونالدو داليما، وفي المنتخب الأرجنتيني غابت المجموعة المتجانسة، فلم يوجد باتيستوتا، ولا اورتيغا، ولا سيميوني، ولا حتى خوان بابلو سورين، بل استعيض عنهم بليونيل ميسي الذي حصد فشلاً جديداً.
غياب تكتيكي
وإذا كنا قد تحدثنا مطولاً عن مشكلة اللاعبين اللاتينيين الفنية والذهنية، فإننا يجب ألا نغفل مشكلة تتعلق بقدرات مدربي القارة الأمريكية الجنوبية، ففي الوقت التي تتحول فيه كرة القدم لتكون حلبة صراع تكتيكي شبيه بحركات الشطرنج، مازال مدربو القارة يعتمدون على المدرسة القائمة على اللعب الهجومي، والمهارات الفنية، ووحده منتخب الأوروغواي يمكن أن يكون استثناء، فتجارب اللاعبين اللاتينيين تبدو كبيرة في ملاعب أوروبا، لكنها لا تنتقل معهم لمنتخباتهم بالنظر إلى طريقة اللعب التي ينتهجها مدربو منتخباتهم، لذلك يبدو تحسين الجوانب التكتيكية أهم الخطوات التي يجب تحسينها لتستعيد قدرتها على المنافسة، والتتويج بالألقاب.
مؤيد البش