اقتصادصحيفة البعث

قطاع البناء والتشييد على طاولتها.. هيئة “البحث العلمي” تطلق الأفق أمام أي فكرة قابلة للتطبيق

لم تشأ الهيئة العليا للبحث العلمي التخندق ضمن أبحاث محددة، ولجان غير قابلة للتغيير، بل أبدت حرصها الكامل على أخذ كل مستجد يطرأ بعين الاعتبار، لدى تطبيق للسياسة الوطنية للعلوم والتقانة والابتكار التي أطلقتها مؤخراً، فسرعان ما أكد رئيس الهيئة الدكتور حسين صالح أن المجال مفتوح لاستقبال أي فكرة أو طرح جديدين شريطة التطبيق الفعلي لهما، وأن يكونا ذات مردود فني وعلمي ومالي، وذلك خلال رده على مداخلات الحضور أمس في الاجتماع العملي الأول لمتابعة مشاريع هذه السياسة ودورها في إعادة إعمار قطاع البناء والتشييد، مشيراً إلى مساهمة أكثر من 500 باحث في هذه السياسة بشكل مباشر وأكثر من 2500 بشكل غير مباشر.

باحث أولاً

وقدم صالح نفسه خلال الاجتماع كباحث وليس كمدير عام للهيئة، وأنه سيضطلع أسوة بزملائه بإنجاز مشروع الخارطة الرقمية وفق المعايير الدولية لاستثمارها في إدارة البنى التحتية وتوثيق المباني في المخططات العمرانية، وذلك ضمن سياق عرضه  للمقترحات العلمية البحثية المدرجة ضمن المحاور الكفيلة بتطوير وتحديث قطاع البناء والتشييد، وتساعد على حل المشكلات التي يعاني منها، حيث يشمل المحور الأول والمتعلق بتطوير مواد البناء والإنشاء عدداً من المشاريع البحثية حول دراسات سريعة حول الطرائق المثلى للاستفادة من الأنقاض والردميات، وبحوث لتطوير المواد الخاصة التي تضاف للخلطات الخرسانية، من ملدنات ورافعات تشغيل ومقاومة وغيرها، ويتعلق المحور الثاني بالتخطيط وأنظمة البناء ويركز على مشاريع بحثية لها علاقة بدراسات تطويرية لواقع المخططات التنظيمية وأنظمة البناء، في الضواحي السكنية والأرياف، وبحوث لتقييم الأسس المعتمدة في التخطيط الإقليمي، وإيجاد أسس حديثة متطورة، وبحوث في مجال العمارة الخضراء والعمارة المستدامة، والاستفادة من التجارب المحلية.

ويشمل المحور الثالث تطوير نظم الجودة والمواصفات والمعايير، وذلك عبر بحوث لتحديد سلوك أنواع الجمل الإنشائية المختلفة، بغية تطوير الكود الهندسي، وتعديل كودات الأبنية، لتتضمن متطلبات الوقاية والحماية الذاتية للأبنية الطابقية، بما يخص الدراسات المعمارية والكهربائية والميكانيكية، ودراسات لتطوير أنظمة التحكم بنوعية التنفيذ، لضمان الجودة المطلوبة. ويضم المحور الرابع المتعلق بالأمان والسلامة الإنشائية دراسات لإنجاز خرائط التمنطق الزلزالي في سورية، بغية الاستفادة منها عند إقامة المنشآت الحيوية، ودراسات وبحوث زلزالية لإنجاز خرائط ومخططات تزود بالمعطيات السيسمولوجية لكودات وأنظمة البناء. فيما يشمل المحور الخامس المتحور حول دراسات جدوى وتكاليف، دراسات حول مؤشر الكلفة، مصنفة حسب نوع المشروع وموقعه وطرائق التنفيذ، وأخرى حول جدوى للمقارنة بين ترميم بعض الأبنية المتضررة المهدمة جزئياً، وبين إزالتها بالكامل وبنائها من جديد، فيما ركز المحور السادس المتعلق بتوطين التقانة ونقل المعرفة على دراسات لنقل المعرفة التقنية في تطوير صناعة السقالات وتركيبها وقوالب الصب، دراسات لنقل المعرفة التقنية في مجال تصنيع جميع أنواع الخرسانة، وخاصة الخرسانة الخفيفة، وذاتية الارتصاص.

كنز

لعل اللافت باجتماع أمس تأكيدات صالح ولأكثر من مرة على دعم السلطة التنفيذية المفتوح للمشاريع البحثية، وإشارته إلى أهمية استثمار ما وصفه بـ”كنز” الخبراء والباحثين المغتربين، والاستعانة بهم عند الحاجة لحل بعض القضايا المستعصية، وتحمل الهيئة لكافة تكاليف استدعائهم إلى البلد، ليرمي الكرة بذلك في مرمى الباحثين، بانتظار الأثر الرجعي المرتقب من قلبهم، منوهاً إلى جهود هيئة التخطيط والتعاون الدولي في إعداد هذه السياسة.

دليل

معاون وزير الأشغال العامة والإسكان الدكتور معلا خضر بين أن ثمة توجهاً لإعداد دليل استرشادي لتنظيم واقع الأضرار في سورية، ليكون بمثابة عنوان لكافة المهندسين ليقوموا بإعداد قاعدة بيانات موحدة، ويسهل عملية التعاطي مع المنشآت لجهة توصيفها وآليات المعالجة. مشيراً إلى دور الوزارة وشركاتها بإعادة الإعمار ومواكبتها المباشرة لإصلاح البنى التحتية اللازمة لحركة المجتمع خاصة في مجال إزالة الأنقاض وفتح الطرقات، منوهاً إلى قيام الوزارة بإعداد برامجها لمرحلة ما بعد الأزمة.

كفاءة غير جيدة

يذكر أن السياسة الوطنية للعلوم والابتكار والتقانة أشارت إلى أن العديد من المكاتب الهندسية والاستشارية في سورية لا تعمل بكفاءة جيدة، عدا عن أن الإطار القانوني المعتمد حالياً في نقابة المهندسين غير مناسب لإيجاد عمل استشاري متطور وعالي الجودة. إضافة إلى ذلك يحتاج نظام العقود في هذا المجال إلى تطوير، ليصبح قادراً على تجويد العمل الاستشاري الهندسي، حيث إن تدني مستوى العمل الاستشاري في سورية انعكس سلباً على درجة جودة المنشآت والبنى التحتية، مما ألحق أضراراً ملموسة في قطاع البناء والتشييد، من حيث ابتعاد جزء كبير من هذه المنشآت عن تحقيق الوظيفة المناطة بها، أو وجوب إجراء تعديلات على التصميم لإعادة تأهيلها، أو ظهور عيوب تحتاج إلى إصلاح، وتفاقمت ظواهر التلوث البصري والبيئي لمناطق عديدة من التجمعات العمرانية في سورية.

حسن النابلسي

hasanla@yahoo.com