“ الاستهلاك المنزلي” يستحوذ على نحو 60% من إجمالي كهربائنا ” احسبها صح” في حسابات المواطن والدولة.. رهان على عقلنة الترشيد لخفض فاتورة الدعم البالغة 80%
ما بين 55 و60% هي النسبة التي يشكلها الاستهلاك المنزلي من إجمالي ما يُنتج من طاقة كهربائية في سورية حاليا، نسبة بالقياس والمقارنة مع ما يستهلكه القطاع المنزلي في الدول المتقدمة والمستقرة كهربائيا تعد كبيرة جداً، وهذه النسبة الكبيرة وغير المبررة في الاستهلاك المنزلي، يمكن خفضها 10% صيفاً إذا ما تم الالتزام بتطبيق إجراءات ترشيد الطاقة، وفق ما أكده لـ” البعث” الدكتور يونس علي مدير عام مركز بحوث الطاقة الكهربائية التابع لوزارة الكهرباء، في حديثنا معه حول حملتهم التي سيطلقونها لأجل هذه الغاية بداية الشهر الثامن آب القادم تحت عنوان “احسبها صح” الموجهة إلى كافة شرائح المجتمع السوري، التي تأتي في إطار استراتيجية نشر الوعي الطاقي المجتمعي المعتمدة من قبل رئاسة مجلس الوزراء والمقترحة من قبل وزارة الكهرباء.
حين ندرك..
للوهلة الأولى يعتقد معظم المواطنين العاديين، ونتيجة لعدم درايتهم بما تشكله تلك النسبة من حيث الكلفة عليه ومن ثم على دولته، أنها ليست بالأهمية التي قد تستحق التوقف عندها، وبالتالي “اضطرارهم” للقيام بمحاولة الحد من استهلاكهم اليومي والشهري والسنوي…لكنهم حين يعلمون ويدركون أثر ذلك الخفض في الاستهلاك وانعكاسه على فواتيرهم الدورية وبالمحصلة السنوية، وما تشكله تلك النسبة مالياً من مجمل دخلهم السنوي، وكذلك إدراكهم لأثر ذلك على سلامة واستدامة وفعالية أجهزتهم الكهربائية وإطالة عمرها الاستثماري، إضافة إلى تلافي احتمالات الزيادة في عمليات الصيانة والإصلاح لها نتيجة لعدم حسن استخدامها زمانيا ومكانيا..، حين ذلك لا شك سيختلف التعاطي في أساليب الاستثمار اليومي لهذه الطاقة النظيفة، السهلة الوصول إليها والاستخدام لها..، وسيختلف عليهم إيجاباً وبشكل ملحوظ كل ما سبقنا ذكره.
وللعلم فإن ذلك الاختلاف يمكن تحقيقه وقطف نتائجه مباشرة وبسهولة ويسر، من خلال إجراءات إدارية وترشيدية بسيطة ممكنة التطبيق، خاصة وأنها لا تؤثر مطلقا على نشاطاتهم واحتياجاتهم اليومية من الطاقة الكهربائية..، ولمصلحتهم أولا.
10 من 20 ملياراً
ولكون مصلحتنا كمواطنين في حفظ الطاقة الكهربائية ودوام استمرارها بوثوقية عالية، لا تنفصل عن مصلحة وطنهم ودولتهم، بل تكاد تكون متلازمة تماما، ولاسيما لناحية الأعباء والتكاليف المالية وسلامة منظومتنا الكهربائية، وجب علينا أن ندرك أيضاً ما يعنيه أن يصل استهلاكنا المنزلي إلى 10 مليارات من أصل 20 مليار كيلو واط ساعي عام 2017.
%70
كما ويجب أن نعلم وندرك أن كهرباء قطاع الاستهلاك المنزلي، لا يزال مدعوما وبنسبة كبيرة، حيث يباع الكيلو واط ساعي ضمن شريحة الـ 600 كيلو الأولى بتعرفة ليرة سورية واحدة فقط، بينما يكلف الدولة حاليا ما بين الـ 65 و70 ليرة سورية، أي أن الـ 600 تكلف الدولة نحو 38 ألف ليرة بينما تباع للمشترك بـ 600 ليرة فقط، ما يعني أن خزينتنا العامة تدعم الاستهلاك المنزلي بنحو 80%، وهذا وفق ما كشفه مدير مركز البحوث، مؤكداً أيضا أن 70% من المستهلكين للكهرباء المنزلية يستهلكون 1000 كيلو واط ساعي في الدورة.
غير منتج..
ومن الأهمية لفت الانتباه والاهتمام إلى أن القطاع المنزلي غير منتج بل مستهلك، وهذه ناحية هامة في الحسابات الاقتصادية لناحية الدعم والعائد. وفي مقارنة لإجمالي ما يستهلكه القطاع المنزلي مع إجمالي ما ننتجه قبل الأزمة من كهرباء سنويا، أشار علي إلى أن استهلاكنا المنزلي قد وصل إلى 22 ملياراً من أصل إجمالي 55 مليار كيلو واط ساعي مُنتجة، والسؤال عن ذلك كان من باب تقديم حوافز للمستهلكين المنزلين الذي يستطيعون خفض استهلاكهم السنوي، حيث بين أن إمكانية ذلك كانت موجودة، كاشفا عن مقترحا مفاده إعطاء مكافأة مالية لكل مستهلك منزلي يستطيع خفض استهلاكه بنسبة 30% في العام الحالي 2018، لكنه أوضح أن ذلك حاليا غير متاح بسبب عدم وجود كهرباء 24/24 وأن هناك تقنين، وبالتالي صعوبة التأكد والحساب لحقيقة وصحة التخفيض.
استنفار إعلاني إعلامي
والعودة للحملة أكد علي أنها ستتضمن مجموعة من النشاطات والفعاليات التوعوية في مجال الترشيد وفق برامج أعدت لهذا الغرض من قبل المركز الوطني لبحوث الطاقة بالتعاون مع بعض الجهات الأخرى، وسيتم إطلاق حملة الترشيد الصيفية لعام 2018 بتاريخ 1/8/2018 تحت عنوان “احسبها صح”، حيث سيتم عبرها استهداف كافة شرائح المجتمع السوري.
وتهدف الحملة إلى حث المواطنين على تطبيق إجراءات ترشيد استهلاك الكهرباء وخاصة في القطاع المنزلي أوقات الذروة المسائية التي تمتد من الساعة السادسة مساءً وحتى الحادية عشر، والتشجيع على الاستفادة من استخدام الطاقات المتجددة، وستتمحور أهم نشاطاتها حول إيصال مضامينها من خلال أنواع إعلانية إعلامية في مختلف الوسائل الإعلامية والإعلانية، وكذلك عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، وكل ذلك وفق هوية بصرية خاصة بالحملة.
موسع
وتحضيراً لإطلاق الحملة ضمن البرنامج الوطني لنشر ثقافة ترشيد الطاقة، تم عقد اجتماع موّسع للمهندسين رؤساء دوائر حفظ في شركات مؤسسة توزيع واستثمار الطاقة الكهربائية، وذلك بحضور المهندس عبد الوهاب الخطيب مدير عام مؤسسة التوزيع والدكتور المهندس يونس علي مدير عام بحوث الطاقة والدكتور سنجار طعمة والدكتور حسن دروبي معاونا المدير العام، تم خلاله استعرض الأعمال التي يقوم بها المركز الوطني لبحوث الطاقة من أجل رفع كفاءة استخدام الطاقة وترشيدها..، وقدم سنجار عرضاً فنياً مصوّراً شرح من خلاله خطوات إنجاز حملة “احسبها صح” وبالشكل العقلاني الأمثل.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com