“الأمم المتحدة والأزمة السورية” في محاضرة للدكتور الجعفري
دمشق- عمر المقداد:
وصف الدكتور بشار الجعفري أداء منظمة الأمم المتحدة تجاه الأزمة السورية بالمخيّب للآمال حيناً، والتعطيلي والتلفيقي حيناً آخر، والتصعيدي والعدواني في أحيان كثيرة.
وقدّم مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، في محاضرة ألقاها مساء أمس على مدرج مكتبة الأسد الوطنية تحت عنوان “الأمم المتحدة والأزمة السورية” ضمن فعاليات معرض الكتاب الثلاثين، توصيفاً لنمط تعامل مجلس الأمن والأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية مع الأزمة السورية، ولفت إلى أنه تعامل غير مسبوق في تاريخ هذه المنظمة الدولية منذ تأسيسها حتى اليوم، سواء لجهة تعطيل ميثاق الأمم المتحدة، واستغلال عدد من الأعضاء دائمي العضوية المنظمة الدولية لنشر حالة من الفوضى والإرهاب والحرب في سورية بدلاً من حالة من الأمن والاستقرار، إضافة إلى تسخير المنظمة الدولية كمحرّض على التدخل العسكري في سورية تحت حجج تلفيقية لا أول لها ولا آخر.
الجعفري بدأ محاضرته بتعريف للأمم المتحدة ومنظماتها منذ تأسيسها وحتى اليوم، مقدّماً عرضاً لدور سورية في إنشائها عام 1945 وبكل المناقشات التي شاركت فيها، وأضاف: إن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا عملت باستمرار على حرف ميثاق الأمم المتحدة عن مضامينه الأساسية، وسخّرت مجلس الأمن مطية لتحقيق مصالحها الخاصة في مناطق النزاعات والتوتر في العالم، مستشهداً بأرقام الأمم المتحدة نفسها التي تقول إن عدد النزاعات الدولية والحروب قد تضاعف سبع مرات مقارنة بعدد النزاعات عام 1945، كما أن عدد قرارات مجلس الأمن في الفترة 1945-1991 سنة انتهاء الحرب الباردة، بلغ 687 قراراً، فيما يزيد عددها عن 1700 قرار من عام 1991 وحتى اليوم، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف، وهو دليل كاف على مدى عجز الأمم المتحدة من جانب، وتسخيرها لتحقيق مصالح بعض أعضائها الدائمين، وعدم قيامها بواجباتها في حفظ الأمن والاستقرار من جانب آخر.
ودلل الدكتور الجعفري على فشل تعامل الأمم المتحدة مع الأزمة في سورية من خلال جملة من الأرقام التي قدّمها، وهي أن الدورة السابقة للأمم المتحدة ذات الرقم 71 والتي تمتد من أيلول 2016 إلى أيلول 2017 قد شهدت 56 اجتماعاً من أجل سورية، فيما أرسلت وزارة الخارجية السورية 180 رسالة إلى الأمين ومجلس الأمن خلال نفس الدورة من إجمالي 800 رسالة أرسلتها سورية منذ بدء العدوان وحتى اليوم، وهي رسائل تؤرشف للأزمة السورية بشكل كامل، وموجودة في أرشيف الأمم المتحدة، إضافة على استصدار قرارات بالجملة من مجلس الأمن بلغت 6 قرارات ذات مضمون سياسي، و5 إنساني و12 لمكافحة الإرهاب و5 في موضوع الكيماوي، و13 قرار تمديد لقوات “الأندوف”.
ولفت إلى أن مجلس الأمن كان مثل حلبة صراع بين سورية والدول الداعمة لها، وبين أطراف العدوان، وأن الحجة لدى الطرف الآخر كانت حاضرة باستمرار لخلق المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في سورية، وأن هذه الحجج كانت تنتقل من الذرائع السياسية إلى الإنسانية إلى الأطفال والنساء إلى الهجرة إلى الكيميائية والعسكرية، لافتاً إلى أن لجنة التحقيق الخاصة بالهجوم الكيميائي في خان العسل عام 2013 لم تبدأ تحقيقها ولن تبدأه، لأنها تعرف مسبقاً من فعل ذلك، مضيفاً: على الرغم من ذلك شنت الولايات المتحدة عدواناً على سورية في حينه.
واعتبر أن أداء سورية في الأمم المتحدة كان عند حسن ظن كل السوريين، حيث استطاعت أن تقف نداً لكل من حاول استغلال الأزمة، وأفشلت كل محاولات إسقاطها، وهي اليوم على مشارف نهاية العدوان، ويعود الفضل في ذلك إلى تضحيات شعبنا وجيشنا وحكمة قيادتنا ودعم أصدقائنا على مختلف المستويات.
حضر المحاضرة حشد من المهتمين بالشأنين السياسي والثقافي.