ثقافة

صور بلاغية متناغمة بين التضمين والاقتباس في اتحاد الكتاب الفلسطينيين

بقيت القصة حائرة بين عنفوان الشعر الذي شغل المساحة الأكبر من جلسة الأربعاء في مقر اتحاد الكتّاب العرب والصحفيين الفلسطينيين ،فتنوع ما بين الشعر الحماسي الذي ألقاه الشاعر إبراهيم الصغير والشعر القصصي الاجتماعي الذي ينتمي إلى مصطلح الشعر الإصلاحي بمشاركة الشاعر ناظم نحوي ،وبقي الأجمل للوجدانيات التي ألقاها الكاتب والشاعر عدنان كنفاني. والأمر اللافت الذي أثير في الجلسة الحوارية النقدية هو تحليل الصور البلاغية المقتبسة من بعض الشعراء الأوائل مثل البحتري وعنترة وأحمد شوقي وتوقف الحوار طويلاً عند مصطلح التضمين.
بدأت القاصة نهى الرفاعي بقراءة قصتها “أنا جميلة” التي طغت عليها روح الأنثى وأغرقت بوصف مشاعرها فمضى السرد عبر ضمير المتكلم ،ورغم استغراب الحاضرين من غرابة العنوان إلا أنهم أعجبوا بالصورة التي أظهرتها الكاتبة باعتداد بطلة القصة بذاتها وثقتها بنفسها ،ومن ثمّ بوصف حالة ثقافة، ومراقبة وحراك يومي وصراع محتدم ،تدور حول فتاة مثقفة وثرية تقع بحب شاب من طبقة مختلفة ،تتمكن من تجاوز الفجوة بينهما وبغموض تتصاعد الأحداث لتصل إلى وقائع الأزمة ،فتكشف الصفحات الأخيرة أن الشاب يتلقى تعليمات من مجموعة لتنفيذ عملية تفجير لكنه في اللحظة الأخيرة يتراجع إزاء الجمال والحب الموجود في الحياة .”أنتم لاتقدرون الروعة التي حولكم إن الاطمئنان والجمال ليست أموراً مستحيلة ولن أنفذ تفجيراً يحدث كارثة إنسانية كي أحصل على الحوريات ”

دمشق موطن العروبة
وقرأ الشاعر إبراهيم الصغير قصيدة “دمشق” وهي إحدى ثلاثية شعرية تناولت العواصم الثلاث (القدس – دمشق –بغداد)التي تقاوم وتناضل ودمشق التي تواجه كل أشكال الإرهاب والتخريب ،فكانت القصيدة أشبه بامرأة فاتنة ترمز إلى دمشق مهد الديانات السماوية وموضع الحضارات ومنطلق الفاتحين مركزاً على صور الحب المنثورة في ربوع الشام مثل ياسمينها ،كانت أشبه بملحمة حماسية اتقدت بالعاطفة الوطنية واستمدت صورها وجزالة ألفاظها من الأوابد التاريخية لتنتهي برسالة موجهة للعرب كي يتحدوا.
“هذي الشآم عصير الحب نشربها/صرفاً فيصبح فينا حبها شبقا/أيقونة أصبحت في الدير باسمة/ومنبراً مال للقرآن واعتنقا/وإنها الشام تاج الشرق مذ وجدت/لولا الشآم لذاب الشرق واحترقا”

دعوة إلى الحبّ
واتخذت المحطة الشعرية الثانية طابع الشعر الاجتماعي الإصلاحي على شكل قصة شعرية متسلسلة ألقاها الشاعر ناظم نحوي من ديوانه “من أنا” تطرقت إلى مشكلة العنوسة التي تفاقمت في المجتمعات العربية ومعاناة الأنثى من الانتظار والترقب رغم نجاحها في دراستها وأعمالها وشغلها مراتب عليا ،لينطلق من خلالها إلى التمسك بالأخلاق والعودة إلى الحب والتسامح.
“جار الزمان على البنات/جور الصقيع على النبات/عشرات آلاف العذارى/صرن عنساً قانتات/يبست خدود الورد/من جهم العيون المجحفات”

الذوبان بالآخر
في حين كانت المحطة الأخيرة مع نسيم الوجدانيات ورهافة الحسّ لقصائد عدنان كنفاني المغرقة في الرومانسية وبالصور البيانية الغائرة بمكنونات البوح بحب الآخر والتأثر به كما في قصيدة “عودة النوارس” التي تعبّر عن البعد والتشتت ومحاولة الوصول والتوقف في المطارات ،واتسمت بكثير من التضمين ،واقترب في قصيدة “أراهن” من عالم الوحدة المسكون بهاجس الانتظار من خلف النافذة.
“تشقين صمت الستارة/يبدو فراغ الطريق/حيارى نفتش/في وحشة الوقت/نسأل/هل من رفيق”

التضمين والاقتباس
وعلى هامش الجلسة كانت هناك عدة آراء تتعلق باستخدام بعض المفردات واعتماد الشاعر ناظم نحوي على اقتباس بعض الصور من الشعراء الأوائل كاقتباسه جزءاً من شطر بيت “سقيت بماء المكرمات” من البحتري ،و”كاد المعلم أن يكون رسولا” من أحمد شوقي، كما وجد آخرون أن فيها مقاربة مع عنترة في إلحاحه على التمسك بالأخلاق ،ونوقش أيضاً مصطلح التضمين من خلال قصائد عدنان كنفاني التي تضمنت صوراً مستمدة من المعاني الروحية والإنسانية لقوة العلاقة التي تربط بين الزوجين من القرآن الكريم ،مثل :”كنت المحراب وغطائي” و”كيف تسري في روحي” .
مِلده شويكاني