ثقافة

رسالة الدراما وأسئلة الواقع في أعمال هذا الموسم الرمضاني

إن الحضور والانتشار الذي حققته الدراما السورية على الساحة الدرامية العربية يضعنا في تساؤل حول مستقبل هذه الدراما خاصة بوجود درامات متعددة تنافسها، وفي قراءة للأعمال الدرامية نرى أن ماتقدمه أغلب هذه الأعمال لايرقى في مضمونه إلى الرسالة المطلوبة من الدراما، ولايطرح أي حل بل نجد أسئلة دون أجوبة، بدليل الأعمال الدرامية الكثيرة التي لاتقدم أي فكرة وتقتصر على المتعة فقط وشد المشاهد، ومن ثم يأتي موضوع الفكرة، ويترك الأمر للمشاهد ليأخذ الرؤية التي يريد من العمل، فكل مشاهد يقرأ العمل حسب بيئته وخبرته وثقافته، ويحكم على العمل من خلال منظومته الفكرية التي تشكل الأساس لعقله المكون، ومن هنا نرى النهايات المتعددة والقراءات المختلفة لكثير من الأعمال الدرامية، حتى لو كان الكاتب يقدم هذه القراءات عبر رؤيته فقط.
وبما أننا على أبواب شهر رمضان المبارك، وبالتالي معه نكون على موعد مع كم كبير من المسلسلات حيث يتنافس النجوم وشركات الإنتاج والقنوات التلفزيونية على المشاهد العربي عبر تقديم أفضل الأعمال الدرامية التي سيتم عرضها. وفي استعراض للأعمال الدرامية التي رشحت لتكون مادة على مائدة رمضان الدرامي لهذا الموسم نتوقف في البداية مع مسلسل:

“في ظروف غامضة”

يتناول “في ظروف غامضة” للكاتب فادي قوشقجي الطبقة الوسطى التي تشبه أكثرية المشاهدين وهي المنتج الأكبر للثقافة والأفكار بشكل عام، والمشاهد أقرب ما يكون إليها لمناقشة همومها من خلال حياة عائلة تعيش في زمننا هذا اليوم، وكما كل الأسر ترى نفسها تجنح إلى المثالية، وأنهم مندمجون بالواقع لدرجة كبيرة، خاصة في الأزمة التي نعيشها الآن عبر الإسقاط على ما تواجهه هذه العائلة من خلال البحث عن حل جريمة وقعت بالفعل، لمعرفة أسبابها.

انعكاس الأزمة النفسي

يحمل “عناية مشددة” جرأة في بعض خطوطه حيث يتناول واقع المواطن السوري وما آلت إليه أوضاع البلاد خلال الأزمة، وما تشهده من تغييرات اقتصاديّة واجتماعيّة، وهو لايتناول في حبكته الأحداث في سورية  فحسب، بل تظهر الحالات النفسية التي يعانيها الناس بسبب مايحصل، وما يزيد الطين بلة استغلال البعض للأزمة والمتاجرة بها.من خلال الاعتماد على البطولة الجماعية.

حكاية شامية ممتعة

ولا يشكل مسلسل “صدر الباز” للمخرج تامر إسحق ولا يشكلّ وثيقة فنيّة عن حقبة من تاريخ دمشق، بل هو حكاية شامية تعود بزمنها إلى القرن السابق، يغلف الخيال الكثير من أحداثها التي تمتد من عام 1850 و1875.
الفطرة الإنسانية
وبعد غياب دام لأكثر من عشر سنوات على إنجاز الجزء الأول من مسلسل “دنيا” تعود أمل عرفة من جديد بأسلوب يشبه في تناوله الأحداث الجزء الأول ويقع ضمن نطاق الأعمال المتصلة المنفصلة، حيث تحمل كل حلقة حكاية بأشخاص وأحداث مختلفة عن الحلقة التي تسبقها.

البيئة الشامية وأصالة الطرح

ويأتي العمل البيئي الشامي “حارة الأصيل” للكاتب مروان قاووق وإنتاج الفينيقية للإنتاج والتوزيع الفني ليعالج قصة رجل اتهم في قتل زوج أخته، حيث غاب سنين طويلة عن حارته وهو في قهر وذل، ويبحث من خلال روايته عن القاتل حيث يتخلل العمل بعض الأحداث الممتعة.

المهن في الدراما

وما يلفت في أعمال هذا العام هو كم الأعمال الذي أنتجته المؤسسة العامة لإنتاج الإذاعي والتلفزيوني وهنا يحضرنا مسلسل “دامسكو” للمخرج سامي الجنادي وسيناريو عثمان جحى ويتناول حكاية مهنة من المهن التي كان الدمشقيون يمتهنونها والتي ظلوا حريصين عليها حتى الان مما يدل على أصالة هذه لمهنة.

تفاصيل الحارة الشامية

يشير مسلسل “حارة المشرقة” تأليف أيمن الدقر وتنتجه مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي بدمشق، إلى واقع السوريين حالياً، عبر حارة في دمشق ينطلق منها كل فرد إلى المجتمع ورصد ارتداداتها إلى الحارة من جديد، وقد حبكت أحداث العمل بأسلوب خفيف وشيق، حيث يدمج العمل بين التراث والمعاصرة.
تباين الشخصيات
ولأن لكل إنسان شخصيته المستقلة عن الآخر حتى بين الأخوة نرى مسلسل “شهر زمان” نموذجاً لهذا الطرح فالعمل من تأليف وإخراج زهير قنوع بإنتاج مشترك بين المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي وشركة قبنض للإنتاج الفني، وشخصيات العمل يحبون الحياة ويقاتلون من أجلها رغم كل الألم والقبح الموجود في سورية الآن، فتبقى الشخصيات ضحايا على مدى الحلقات الأولى، غير أنها لا تلبث أن تصبح جريئة وعنيدة بصورة متزايدة.

المرأة بصورتها الحقيقية

ويمثل مسلسل “حرائر” تأليف عنود الخالد وإخراج باسل الخطيب وإنتاج مؤسسة الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بما يرصده من مسيرة المرأة السورية وواقعها على مدى سنوات طويلة، رداً على الأعمال الشامية التي قدمت المرأة وتحديداً الشامية بصورة مستلبة، حيث يطرح العمل نماذج من المرأة السورية المؤثرة والمتنورة والتي حققت حضورها في فترة مهمة من تاريخ سورية.

الأزمة ومنعكساتها

ويتناول المخرج نجدة أنزور في مسلسله “إمرأة من رماد” الأزمة السوريّة من زاوية البشر وما تعرّضوا له من تحطيم نفسي، وما شهدوه من شروخ اجتماعيّة في مسلسله “امرأة من رماد” للكاتب جورج عربجي.
سيزهر الياسمين
وفي حارات دمشق وحدائقها تدور أحداث مسلسل “بانتظار الياسمين”إخراج سمير حسين وتأليف أسامة كوكش، حيث ترصد الكاميرا حياة الناس الذين هجروا من منازلهم وسكنوا في الحدائق.

المخدرات في عمل درامي

ويلقي مسلسل “مذنبون أبرياء” بقلم الكاتب باسل خليل الضوء على قضية مهمة ربما لم تتناولها الدراما كثيراُ وهي المخدرات وتجارها والمروجون لها والمتعاطون لها من قبضة الكتاب والمخرجين ليصوغ العمل عدداً من القصص تقع في خمس سداسيات من العيار الثقيل.
جمان بركات