إحياء الخط العربي.. عبر دورات ومحاضرات في متحف الخط العربي
تتوالى نشاطات متحف الخط العربي سعياً نحو تأصيل دور الخط العربي وإعادة إحيائه، ومنح الحرف العربي ألقه. من هنا كانت الفعالية التي تقيمها المديرية العامة للآثار والمتاحف في متحف الخط العربي تحت عنوان: “إحياء الخط العربي” استمراراً لخطة المتحف، وتحفيزاً للخطاطين السوريين للمساهمة في تفعيل دورهم في إعادة مكانة تاج الفنون الإسلامية.
بين الماضي والحاضر
تضمن الافتتاح محاضرة حول “الخط العربي بين الماضي والحاضر” ألقتها أمينة المتحف الباحثة إلهام محفوض تناولت فيها الجوانب النظرية والتاريخية المتعلقة بالخط، وهي أول محاضرة يتم إلقاءها في المتحف منذ حوالي 750 عاماً –كما ذكرت محفوض لـ “البعث”- فمحاضرات الفقه والشريعة والخط لطالما أقيمت في أرجاء المتحف منذ سنوات طويلة، ونحن اليوم نعيدها إليه من خلال محاضرتنا هذه، لافتة إلا أن العديد من الفعاليات والنشاطات تقام دورياً في المتحف، لكن كمحاضرة في الخط العربي هي الأولى بعد غياب أعوام، منوهة إلى أننا في ظل هذه الهجمة مطالبين بمضاعفة الجهود لإثبات اهتمامنا والتصاقنا بحضارتنا، من خلال تشبثنا بالحرف العربي وبخصوصيته وجماله وإتقان أنواعه المختلفة. مضيفة أن الفعالية تتيح المجال أمام كل الخطاطين الراغبين بالتواصل مع المتحف وإقامة نشاطات ودورات مختلفة، من أجل صنع نهضة بخصوص الخط العربي، وتحفيز للأنامل السورية للتواصل مع الأجيال المختلفة، لما للخط العربي من بعد وطني وقومي، وقد طرحت فكرة إقامة مكتبة في المتحف للمهتمين والخطاطين، كما تناولت محفوض في محاضرتها عدداً من النقاط المختلفة منذ أن ظهر في سورية أول إبداع في تاريخ الإنسان في أوغاريت، مروراً بفجر الكتابة العربية في الإسلام والعصر الأموي والعباسي، مع ذكر مقومات وأنواع الخط العربي بما فيها من دعوة لتذوق جمالية الخط العربي في ظل وجود الحاسبات التي حلت مكان أنامل الخطاطين المبدعة.
دورة للخط
وخلال أيام الفعالية التي تستمر على مدى أسبوع، يستقبل المتحف جميع الراغبين والمتذوقين والمهتمين بتعلم مبادئ الخط العربي مجاناً، حيث يقدم المتحف الأدوات كلها، تحت إشراف الخطاط جلال شيخو الذي شارك في المحاضرة من خلال تناوله الجانب العملي، ليشرف بعدها على مجموعة الراغبين في التعلم والذين كان معظمهم من الأطفال، مما يجعلنا نشعر بشيء من التفاؤل والطمأنينة على جيل الغد، لاسيما عندما يتم تعليمه أساسيات الخط العربي بإشراف خطاطين أكاديميين مثل شيخو مدرس الخط في معهد الفنون التطبيقية الذي أكد لنا أنه على الرغم من وجود بعض الأعمار الكبيرة في هذه الدورة، إلا أن الغالبية من الأطفال بما يحمله التعامل معهم من صعوبة ومتعة/ في الوقت نفسه هو قائم على أسلوب لا يجعل الأطفال ينفرون منه عبر الانضباط والأريحية معاً.
جمالية وقواعد
ونوه شيخو إلى أن أسبوع واحد لايكفي لتعليم قواعد وأنواع الخط العربي، لذلك نحن نسعى لجعل المتلقي يتذوق الخط العربي وجماليته، ويعرف جسم الحرف وبأن لكل حرف ميزان، كذلك له ضبط وقواعد، مما يجعل الطفل يتعلم الانضباط ويبتعد عن الفوضوية، ويميز بين الحرف المشوه والحرف الجميل ويتعلم اللغة البصرية والذائفة الفنية، فنحن نعلمهم بالقصبة ونعرّفهم بأنواع الورق ونعطيهم مبادئ مكثفة خلال فترة قصيرة، فإن أحب أن يستزيد بعدها سيكون لديه قاعدة متينة لتعلم الخط العربي بعالمه الواسع، لافتاً إلى أن تدريسه للراغبين بالتعلم هو مبادرة فردية بالتنسيق مع أمينة المتحف، وكذلك هو دعوة للخطاطين الزملاء لإقامة ورشات عمل ووضع خبرتهم تحت تصرف الأجيال القادمة.
لوردا فوزي