ثقافة

الحرب القذرة

تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى منابر للشتائم والبذاءة والكلام السفيه المخجل، وللترويج للفكر الإرهابي، خاصة أن استخدامها سهل ومتاح للجميع وبدون رقابة أو تكلفة. وصراحة أكثر ما يرعبني هو مقاطع الفيديو التي تصلني ولا أعرف مصدرها، وتصور مشاهد الذبح والتعذيب لمواطنين كانوا ضحية           للتنظيمات الإرهابية، التي تفوقت في جرائمها على هولاكو وغيره من الغزاة في التاريخ القديم والحديث، أما الفتاوى التي يصدرها شيوخ  يدّعون الإسلام، فهي مخجلة ومقززة ولا علاقة لها بالإسلام وهو منها براء وهذه عينة منها:
يحق للأمير- حسب الشرع- التمتع بجثة المرأة لثماني ساعات بعد الوفاة!.
شيخ آخر يفتي ويقول: سنأخذ نساء الأعداء سبايا ويمكننا الاستمتاع بهن وإعارتهن للأصدقاء!.
وثالث يصدر فتوى يؤكد فيها أن أية امرأة تغتصب من قبل عشرة مجاهدين تصبح مسلمة!
وفتوى أخرى تبيح للمرأة قيادة السيارة إذا كانت مفخخة!.
أما الفتاوى السياسية، فهي تملأ صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي، وتحمل الحقد والكره والتحريض، وتصدر عن شيوخ من المؤكد أنهم قبضوا ثمنها سلفاً، وأكثر ما قرأته  لؤماً وجهلاً وبعداً عن الدين والإيمان، فتوى وصلتني عبر فيديو مسجل  يقول فيها الشيخ:
دمشق في الحقيقة الغالب فيها أهل الكفر، وقد سعدت باحتلال إسرائيل للجولان وأرجو ألا تعيدها لأن كل أهل الجولان شيعة نصيريون مجرمون.. اليهود أفضل منهم؟.
تصوروا هذا المسلم التقي الورع الذي ينشر هذه الفتوى، والتي تحمل الجهل والكره والحقد، ولا تفسير لها سوى الدور الذي تلعبه دول معينة في تمويل هذا التطرف، وتوظيف شيوخ الفتنة سواء كانوا من المشاهير أو المغمورين، لبث ما تريده من سموم لتخريب عقول المسلمين ونشر  الفكر الإرهابي المتعفن، خاصة بين الشباب وتجنيدهم لقتال الدول الوطنية، ونشر الفوضى في المجتمعات العربية، وهذه الدول تستخدم للوصول إلى هدفها كل الأدوات، بما فيها الفكر والسلاح والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي لاحصر لصفحاتها ومواقعها.
وهذا الفكر الإرهابي يستند إلى أكثر أئمة الإسلام تطرفاً، وعلى رأسهم ابن تيمية الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي، وتحفل كتبه، كما يؤكد المختصون في الفقه الإسلامي بالفتاوى الباطلة المخالفة للقران الكريم والسنة، وهو يدعو إلى إكراه الالتزام بأمور الدين بحد السيف وقتل كل من لا يلتزم بالعبادات كالصلاة والصوم والحج، وبعد وفاته بعقود من الزمن ما زال يحكمنا من قبره ومريديه هؤلاء ينشرون فكره الظلامي بحد السيف، وبقوة وتأثير التكنولوجيا ووسائل الاتصال والإعلام، وطبعا قبل ذلك كله المال السياسي الذي يوظف لتحقيق هذا الهدف.
فتاوى ابن تيمية وغيره من الأئمة أو الدعاة المعاصرين، تشكل الأساس الفكري والديني الذي استند عليه قادة  التنظيمات الإرهابية، والتي أنتجت مشاهد الذبح والقتل والمقابر الجماعية، وهذه التنظيمات تطور أدواتها وآلياتها لاجتذاب المزيد من المقاتلين من مختلف أنحاء العالم، تحت شعارات مؤثرة كدولة الخلافة ودولة العدل، والرد على هذه الفتاوى التكفيرية يجب أن يأتي من علماء الإسلام المتنورين الذين يستطيعون دحض هذه الفتاوى التكفيرية وتقديم وجه وصورة الإسلام الحقيقي الذي يحمل معاني التسامح والحرية والكرامة والسلام.
سلمى كامل