ثقافة

د.ندى بدران: لتشكيل جبهة ثقافية وفنية في وجه العدو

لأننا نعيش في ظروف استثنائية وفي ظل حرب كبرى تُشن علينا، ولأن المقاومة ضرورية اليوم على كل الجبهات أكدت الإعلامية اللبنانية د.ندى بدران على أهمية الإعلام كسلاح مقاوم فعال، مبينة أنه علينا أن نعرف كيف نحارب عبر الكلمة والسينما والدراما والموسيقا، وعبر المواقع الاجتماعية لتشكيل جبهة ثقافية وفكرية وفنية متماسكة في وجه العدو الذي استخدم كل أسلحته في حربه ضدنا، وهو الذي بدأ حربه علينا عبر الإعلام ومن خلال القنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي.. من هنا دعت د.بدران إلى وحدة الصف الإعلامي للحديث عن المخططات المرسومة لبلادنا، وزيف ما يتم بثه لتبرير هذه المخططات التي تهدف إلى تدمير ثقافتنا وفكرنا، لأن العدو يعرف تماماً أن النجاح في ذلك يعني تدمير كل شيء.

ثقافة عريقة
وأشارت د.بدران إلى أن سلوك الإنسان يأتي دائماً من الأفكار التي يتبناها، وطالما لدينا أفكار تخدم العدو وأفكاره فإن سلوكنا سيخدم مصالحه، منوهة إلى أن لقاء الإعلاميين العرب في سورية الذي تم في مهرجان الإعلام الذي أقامه اتحاد الصحفيين مؤخراً، والذي تم في زمن انتصارات الجيش العربي السوري عبّر عن وحدة الإعلاميين وثباتهم إلى جانب الجيش السوري وحلفائه الذين يحاربون على الجبهات، مشيرة أن هذه الوحدة التي يجب أن تتمثل بالتفاف الإعلام والجيش والشعب، هي السبيل لتحرير سورية من المعتدين لتعود الدولة القوية، مبينة أن لقاء الإعلاميين أكد على إصرارهم وإدراكهم أن المقاومة والثبات أديا إلى الانتصارات التي يحققها الجيش السوري.
وبينت د.بدران أن الثقافة أثناء الحروب هي الأهم، والدفاع عنها ضرورة لأنها ثقافة الشعب وهي الأساس الذي يجعلنا ننتصر في معاركنا مع العدو، لأن الشعب الذي يمتلك ثقافة عريقة وأصيلة شعب قوي لا يمكن هزمه، ومن لا يمتلكها فهو واقف على أرض رخوة وسيضعف أمام أيّ حدث ولو كان صغيراً، لذلك تلعب الثقافة دوراً هاماً في كل المعارك، ولهذا السبب حاول العدو تدمير ثقافتنا وتشويهها والتشكيك بأصالتها، محاولاً خلخلة قيمنا الإنسانية والأخلاقية، فبدأ حربَه بقصف الجبهة الثقافية قبل الجبهة العسكرية، لأنه مدرك أن هذا يؤدي إلى الاستسلام، ولأنه يعرف جيداً أن شعباً بلا ثقافة هو شعب فارغ من الداخل وضعيف، تسهل السيطرة عليه.

ثقافة الحب والسلام
أشرفت د.بدران على فيلم “الجارف” للمخرج اللبناني بلال خريس، لأنها مؤمنة أن السينما إحدى الوسائل والأسلحة التي يمكن أن نستخدمها في محاربة العدو من خلال تسليط الضوء على ممارساته وفضح أكاذيبه ونشر ثقافة الحب والسلام، منوهة إلى أن فيلم “الجارف” كان قد أُنجز في العراق، وهو يتناول حكاية تحرير منطقة بيجي من براثن سفاحي داعش الإرهابيين.
ورأت د.بدران أن أهم ما يعزز ويقوي ثقافتنا لتكون السلاح الأمضى هو إيماننا بها الذي يجب أن لا يتزعزع، وإدراكنا بأن التنوع الموجود فيها أغناها وشكَّل خصوصيتها ورفض ما يحاول العدو ترسيخه من أن هذا التنوع يفترض حدوث انقسامات، في حين أن الاختلافات وإن وجِدَت في أية ثقافة فهي تستند على قيم مشتركة، إنسانية وأخلاقية وتاريخية لتكون الأساس المتين الذي يقف عليه الجميع بكل اختلافاتهم، ولم تنكر د.بدران أن الإعلام لعب دوراً كبيراً في محاولة تدمير ثقافتنا، فخلخل مفاهيمنا وشوَّه إسلامنا وبات القتل والذبح جزءاً من ثقافتنا، وأسِفت لأنه نجح في بعض الأحيان بإقناع البعض بذلك، لذلك ترى ضرورة أن يكون إيماننا أقوى بثقافتنا، والمطلوب أن نرفض اللعب بمفاهيمنا وقيمنا وأفكارنا عبر كل الوسائل الإعلامية المتاحة، للتأكيد على أهمية ثقافتنا الحقة التي يجب أن لا ينتابنا الشك فيها، ويقع على عاتق المثقف برأيها دور كبير في ذلك، حين يكون ناشطاً على أرض الواقع من خلال إبداعه، وألا يكتفي بجلوسه خلف الطاولة للقراءة والكتابة والانعزال بحجة أنه مثقف لتبقى أفكاره حبيسة رأسه أو الكتب، في الوقت الذي يجب أن يقوم  بدوره كمبدع قادر على استخدام كل الوسائل المتاحة أمامه، لنشر ثقافته التي هي ثقافة مجتمعه وترسيخها وتدعيمها بين الناس ليكونوا أقوياء بها، تحصّنهم وتعزز الانتماء لديهم، معترفة د.بدران أن بعض المثقفين أُحبطوا في بداية الحرب وقصّروا، والأسباب برأيها كانت كثيرة، منها أسباب اقتصادية واجتماعية، ومنها أسباب نفسية حين أصيب البعض بانتكاسات نفسية عندما شعروا بعدم جدوى ما يكتبونه والدور الذي يقومون به فصاروا ينظرون للمستقبل بخوف، موضحة أن هذه الحالة أصابت البعض في بداية الحرب، إلا أن عدداً كبيراً منهم عاد واستجمع قواه، والدليل أن سورية اليوم تنتصر.
امينة عباس