ثقافة

حديث على عتبة الوجع

كلما جمعتنا قصة خذلان جديدة ينهيها بطلبه الذي لم يتنازل عنه منذ سبع سنوات… يا الله كم هو جسور.. أنا أعلم أنه ليس بالوقت القصير ولا بالطلب اليسير، ولكن ما بكامل الجسد من حيلة..!.

يقول: لي ثقة بك، فكري معي بطريقة مثلى للتخلص من كل هذا الحزن الذي يجلس بيننا كطفل مصاب بالشلل.. ترتفع نبرة صوته ليسمع الحي بكامله.. إن بقى الوضع هكذا ولم يغادرنا هذا القهر اللعين قد أصاب بالجنون، أو قد أنتحر عما قريب.. فكري معي بطريقة ما أرجوك..

هل تقترحين أن نرمي به في النهر مثلاً، أو ما قولك بأن نربطه بشجر الغابة ونغلق بابها على عجل ونركض مسرعين.. ما رأيك أن نعيده لمسقط رأسه فيذهب إلى قدره مرضياً..

يا الله هل ينتهي الحزن كما ينتهي ألم الأسنان فجأة..!!

تنخفض النبرة لتصبح بلون العجز تماماً.. طيب انسي كل شي وفكري معي بصيغة مثلى لعلاج الضمير..

أعلم أن الموت حق من حقوق الطبيعة  للبقاء، ولكن أيعقل أن يموت كل شيء جميل بهذا العالم ثم يصعد إلى برواز من إطار نحاسي وننظر إليه ونتذكره باستسلام الخانعين..

لاشيء يتكاثر ويتراكم بشكل هائل سوى أكياس القمامة في أزقة حارتنا.. وأسأل نفسي وأود كذلك أن أسالك أنت في كل مرة أرى فيها تلك الأكياس الكبيرة.. لماذا هي كبيرة هكذا..؟! ماذا تحوي يا ترى..؟! كم يخطر لي أن أفتشها يوماً ما.. فضولي قاتل لأعرف هذه البيوت الخالية من كل ما يلزم الحياة.. وهذه البطون الخاوية ماذا تخلف..!! ما هو الفائض عن هؤلاء الذين لم تبق الحرب لهم ومنهم إلا ما تيسر من حين لحين..

لو تشاهدين معي من هنا، من على شرفة بيتي خيبة أمل كل قطة حين تنبش في تلك الأكياس وكيف تعف نفسها عنها.. دائما الضحك المعجون باليأس هو القاسم المشترك بيني وبين هؤلاء القطط الجياع..

ذات يوم وأنا في طريقي للبيت تصوري أني حسدت قطاً وشعرت بالغيرة عندما رأيته في أحد الأحياء الميسورة التي أخال أن  الحرب لم تمر من أمام أبواب بيوتهم وأرواحهم ولو لحظة.. قارنت ذاك القط بقط هزيل من حينا وتألمت كثيرا..

سأخبرك شيئاً وأرجوك أن لا تضحكي عليّ، فجنوني المكتسب في أوجه يا عزيزتي.. أنا الآن أحاول أن أتعلم لغة أخرى.. أحاول أن أتعلم لغة القطط فقد أنجح في إقناعها بالهجرة من هذا الحي البائس الفقير بحثاً عن مستقبل أفضل، وأكياس قمامة أغنى..!.

بالعودة إلى موضوعنا.. ماذا بشأن الحزن؟ هل فكرت ملياً.. هل توصلت إلى حل.. أخبريني أرجوك..؟!.

لينا أحمد نبيعة