ثقافة

هل تعمل المرأة أكثر؟!

أكرم شريم

في حديثنا عن المرأة اليوم محاولة للبحث عن الحقيقة وليس أبداً من باب المجاملة!. فنحن إذا تحدثنا عن العمل في هذه الحياة، فإن المرأة تعمل أكثر من الرجل!. صبركم علينا. إنها تستيقظ في المنزل قبل الجميع وتؤمن لهم جميعاً كل ما يحتاجون من طعام الفطور وكل ما يطلبون وما يلزمهم لكي يصبحوا جاهزين: هذا يذهب إلى العمل، وهذا إلى المدرسة.. وهكذا، حتى يخرجوا ويبقى الصغير سناً عندها، وهو الذي يحتاج إلى عين دائمة ليلاً ونهاراً، وهي عينها!.. وقد يكون أكثر من صغير بقي في المنزل، وتتابع عملها المنزلي فتزيل ما على الطاولة وتقوم بالجلي وتتابع عملها اليومي، إلى أن يعودوا وتحضر لهم كل ما يلزم ثم تزيل وتنظف وتتابع عملها وحتى العشاء في المساء، تحضر كل شيء، وبعد أن ينتهوا تزيل وتنظف وترتب لهم وفي بيتها وكل شيء!.

إذن، الرجل يذهب إلى عمله، بعد أن يتناول الإفطار ويعود من عمله ليأكل أيضاً ويرتاح بينما تبقى المرأة تعمل طوال النهار وقسماً من الليل مع المتابعة لكل شيء ولكل أبنائها وزوجها!.. وأترك الحساب لكم: من يعمل أكثر في هذه الحياة، ومدة أطول، الرجل أم المرأة؟!.

إذن نحن نقول هذا ونقرره معاً.. إن المرأة حتى لو كانت غير موظفة فهي تعمل في هذه الحياة أكثر من الرجل فما بالك إذا كانت موظفة أو معلمة أو عاملة وإلى آخر ما يمكن أن تقوم به المرأة من عمل؟! هل سيقول لي أحد، إن المرأة (ست البيت) والتي لا عمل لها ولا تتقاضى راتباً أو أجراً فهي لا تعمل، وكما هو دارج ذلك مع الأسف الشديد والمحزن أيضاً؟! إن المرأة إذن تعمل أكثر من الرجل، سواء كان لها عمل خارجي أو لم يكن، فما بالك إذا كان!.

وحين تنجب كيف ينزل الإنسان من الرحم؟! كلنا نعرف ذلك، إنه ينزل قطعة لحم صغيرة، فتبدأ الأم تغسل وتنظف وترضع وتحمي وتحب وتدلل وتلاعب مولودها حتى يكبر على حبها وعنايتها.. فما بالك إذا كان عندها عدة أبناء، وهذا هو الدارج والمعروف، فكم تكون عملت ونظفت وأرضعت وفي كل ذلك لم تشعر بالتعب أو الضيق على الإطلاق، بل بالحب والحرص والعطاء والعناية الكاملة، وهذا التعبير (العناية الكاملة) لا يصح في أمر أو عند أحد كما يصح عند الأم!. ومع ذلك يقولون: المرأة لا تعمل!.. تنجبنا وتربينا وبكل حرص وحب ويقولون: المرأة لا تعمل!.

والأهم من كل ذلك كم هي مظلومة: فهي مهما تعلمت ومهما عملت تبقى: امرأة!. فماذا توجد في هذه الكلمة حتى تظهر في مجتمعها الأضعف؟!. أنا أقوال لكم، لأنها أكثر لطفاً ونعومة، وأكثر صبراً وأكثر حرصاً وحباً وإخلاصاً، هذه هي المشكلة، فهل هذه مشكلة عندها أم عند الرجل؟! ومن المؤكد نحن لا نقصد كل الرجال والآن انظروا هذا التعبير وقد قرأته على سيارة ركاب: (كل البلاء من النساء)، فما رأيكم حين يقولون: (جابت بنت) فكأنها امرأة سيئة.. وإلى آخر هذه القائمة من التعديات على المرأة والتي لولاها لانقرضت البشرية، لأنها هي التي تنجب وتربي وهي سعيدة بما تفعل. وهكذا تكون النصيحة اليوم أن من تنجب له زوجته ابنة يجب أن يفرح ويقيم حفلة يستقبل فيها المهنئين وتكثر الأضواء الملونة فيها، وتنتشر في المنزل كل أسباب الفرح والسعادة، ذلك أن ولادة البنت تعني أن البشرية استقبلت أماً عظيمة لأن البنت مشروع أم وحب وعطاء دائم ومستمر!.