آه يا عيد!!
لم يعد العيد يحمل من صفاته الحلوة الكثير بالنسبة لغالبية الأسر، حيث اختصرت من عاداتها وتقاليدها الجميلة التي عشناها على مدى عقود، فحرب السبع سنوات وأكثر شوّهت بغبارها الأسود وأزيز رصاصها ألوان الفرح، وغيّرت أولويات السوريين وبدّلتها، وبات العيد أشبه بصور وذكريات جميلة افتقدنا حتى أبسطها وهي “عيدية” الأطفال التي كانوا ينتظرونها على أحرّ من الجمر صباح العيد.
مؤلم جداً أن تتحوّل ألعاب الأطفال وألبستهم التي يحلمون بها إلى مجرد رسومات على الحيطان أو الورق لعدم قدرتهم على شرائها، والأشد إيلاماً بكاء ابنة شهيد اعتادت أن تقضي كل أيام العيد برفقة والدها الذي غادرها في عزّ حاجتها لحضنه الدافئ الذي يشعرها بالأمان وبفرح العيد الحقيقي.
لا نريد أن نرسم صورة سوداوية، رغم أن هناك جهوداً تُبذل لجعلها صورة أجمل بلا غبار حرب، ولكن هذا هو الواقع المؤلم، وضروري التوقف عنده لعلّ وعسى تتحفز همم البعض في ظل غياب المبادرات الحقيقية من المؤسسات الرسمية والخاصة وفعاليات المجتمع المختلفة التي تستهدف ذوي الشهداء والجرحى من عسكريين ومدنيين، الذين نذروا دمهم في سبيل أن يحيا الوطن!.
صحيح أن هناك مبادرات ولكنها قليلة لا تفي بالغرض، عدا عن كونها غير منظمة ولا تستهدف إلا شريحة قليلة وفي مناطق محدودة.
في كل حيّ، وفي كل قرية وبلدة ومدينة يوجد لجان بإمكانها أن تحصي عدد الأسر المحتاجة للمساعدة ليس فقط في أيام العيد، وإنما في كل الأيام، فهناك الكثير من الأموال تُصرف في غير محلها، وذوو الشهداء والجرحى والأسر الفقيرة أولى بها.
بالمختصر، بإمكاننا أن نجعل العيد أجمل وأبهى بأشياء بسيطة عندما يكون لدينا إيمان وقناعة بثقافة التكافل والإيثار، فليس هناك أجمل من أن تزرع الفرح في عيون الأطفال المحتاجين والابتسامة على شفاه آباء وأمهات أنهكتهم الحرب وشردتهم من بيوتهم التي كانت عامرة بالفرح، فصناعة السعادة لا تحتاج إلى معجزات كبيرة، وإنما أشياء بسيطة من صنع أيدينا قادرة أن تفرحنا وتهزنا بالعمق.
غسان فطوم