تحقيقاتصحيفة البعث

جرحك شرف مجموعة أسسها شبان من جرحى الجيش العربي السوري تعكس العلاقة المميزة بين إخوة السلاح

رجال الجيش العربي السوري الذين أبهروا العالم ومازالوا بحجم التضحية والصمود الذي قدموه، فأصبحوا بذلك أسطورة ومدرسة لكل مناضلي العالم، يستمرون بتسطير أبهى المعاني وأجملها عن الإنسان الحر الذي يعشق بلده، ولا يبخل بتقديم كل ما هو غال ونفيس، لم يكونوا فقط الجنود الميامين في الميدان، بل أيضاً كانوا الأصدقاء الأوفياء، والسند الحقيقي لكل جريح ومصاب، وعائلة شهيد على أرض الواقع بالأفعال لا بالأقوال، ومن سيكون أقدر على أن يشعر بألم الآخر إلا من يحمل الجرح والوجع نفسه، هو بالتأكيد سيكون أقدر على سماع صوت الألم الذي يشعر به كل جندي جريح تعرّض لإصابة أثناء مواجهته للمجموعات الإرهابية التي سعت جاهدة هي ومشغلوها ومن يدعمها ويقف وراءها لتفريق أبناء الوطن الواحد، وزرع بذور الفتنة بينهم، فارتدّ إرهابهم عليهم، وكانت نتيجته أن يقف أبناء الوطن الواحد جنباً إلى جنب دفاعاً عن وحدة أرضهم سورية، وصوناً لها ولكرامتها، وربما أكثر ما قد يجسد هذه الوحدة والتماسك بين أبناء الوطن الواحد ما قامت به مجموعة من الشبان الجرحى الذين أسسوا مجموعة تعنى بأمورهم، وتسعى جاهدة لإيصال صوتهم ومطالبهم أطلقوا عليها اسم جرحك شرف.

جرحك شرف

هو الاسم الذي تم اختياره من قبل مجموعة من الشبان الجرحى الذين تعرّضوا لإصابات بالغة كانت نتيجتها عدم تمكنهم من متابعة مشوارهم النضالي في الجيش العربي السوري، أو القوات الرديفة له، فقاموا بتأسيس هذه المجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) وإدارتها والإشراف عليها بأنفسهم، يتحدث أحد الشبان الجرحى الذين شاركوا في تأسيس المجموعة بأنهم بدؤوا على نطاق ضيق بمساعدة جرحى الجيش وبإمكانيات بسيطة جداً بداية كتوفير بعض المستلزمات من الأدوية، وغيرها من الخدمات الصغيرة والمتواضعة، حتى تطور الأمر لأن يصبح منصة لتبادل الحديث عن وضعهم، وآلامهم، والصعوبات التي يعانون منها، خاصة مع بعض المؤسسات والدوائر الرسمية التي قد تتجاهل أو تتقاعس عن تأدية دورها وواجبها تجاه جرحى الجيش، ثم بعد ذلك وبجهود الأصدقاء المهتمين بقضيتهم اتسعت المجموعة حتى أصبح عدد المنتسبين إليها يقارب ثمانية عشر ألف منتسب، بينهم أربعمئة جريح بكافة النسب من جرحى يعانون إصابات بالغة جداً، إلى جرحى يعانون من إصابات متوسطة وخفيفة.

هدف سام ونبيل

مجموعة جرحك شرف مثّلت وبحق سورية بكل أطيافها من خلال تقديم المساعدة، وجمع التبرعات لكل الجرحى المحتاجين لهذه المساعدات والخدمات، حيث تكفل أصدقاء المجموعة المنتسبين لها بالنفقات اللازمة لإجراء العمليات الجراحية، وتوفير الكراسي الكهربائية التي تجاوز سعر الكرسي الواحد منها ثلاثمئة ألف ليرة سورية، حيث وصل عدد الكراسي الكهربائية التي تم شراؤها إلى ثمانية كراس، إضافة إلى الأسرة الطبية،  والعكازات، والبطاريات للكراسي، وخلطات العسل التي تستخدم لعلاج الخشكريشا، أو ما يسمى بقرحات فراش، والتي تصل تكلفة الواحدة منها لحوالي ثلاثة عشر ألف ليرة سورية، وبالطبع وصلت الكثير من هذه الخدمات والمساعدات إلى جرحى من حلب، والحسكة، وبقية المحافظات جواً، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، كما شرح لنا أحد الشبان الجرحى المسؤولين عن إدارة الصفحة على الفيسبوك، قائلاً: إن من ضمن أصدقاء المجموعة أطباء من اختصاصات مختلفة تكفلوا بتقديم الاستشارات الطبية مجاناً، وبلغ عددهم خمسة أطباء، بالإضافة إلى عدد من الأطباء الذين تحفظوا عن ذكر أسمائهم علناً، واستعدادهم لتقديم فحوص مجانية في عياداتهم للشبان الجرحى.

بعيداً عن الكاميرات

يضيف أحد الشبان الجرحى، وهو حارب في أقسى وأصعب الجبهات على أطراف العاصمة، وأصيب إصابة بالغة، بأن بعض الجمعيات قدمت بعض المساعدات لهم، والبعض الآخر لم يقدم شيئاً، فهناك الكثير ممن يهتم فقط بالتقاط الصور، وحب الظهور، ونسيان الهدف الأساسي الذي من المفترض أن تكون الجمعية تعمل من أجل تحقيقه، لدرجة وصلت ببعضهم في الكثير من الفعاليات التي يقومون بها لإغفال ذكر اسم الجريح، أو الشهيد الذي من المفترض أن الفعالية أقيمت من أجله!.

المطالبة بالحقوق

الكثير من المطالب المحقة تم طرحها على صفحة هذه المجموعة، حتى إن المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس الوزراء يتابع هذه المجموعة، ويطلع على مطالب الشبان فيها، ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم الرد ولا على أي مطلب، فمعظم الردود تأتي على أنها قيد الدراسة، مع العلم أنها طلبات عامة، بمعنى أن تنفيذها سيعم بالفائدة على الجميع، وهذا ما يتمنى أعضاء المجموعة تحقيقه علّه يلقى الصدى المطلوب لتحصيل الحقوق بلا معاناة، فما يعانيه هؤلاء الشبان من معاناة جسدية ونفسية كاف!.

دماء شهداء وجراح رجال الجيش العربي السوري والقوات الرديفة له هي شرف لنا جميعاً، وهي سبب وجودنا ووجود أبنائنا، لذلك لابد من تقديم كل الاهتمام، ووضع كل الإمكانيات لهؤلاء الأبطال، ومجموعة جرحك شرف ما هي إلا دليل ساطع على حس المسؤولية، والوعي، وحب الآخر الذي تمثّل بما يقدمه جرحى يملكون أقل الإمكانيات وأبسطها لإخوتهم في السلاح.

لينا عدرة