ثقافة

متى يصبح الإعلان إعلاماً صحيحاً؟!

أكرم شريم

تسير الأيام ودائماً باتجاه الأصح من الأمور والعادات والتقاليد والأنظمة والقوانين، وينتشر أكثر وأكثر ويوماً بعد يوم، ماهو الأصح. وفي الأصل وعند الجميع، لا يصح في النهاية إلا الصحيح!.
فما بالكم أن يصدر إعلان عن واحدة من الأكلات الطيبة للأطفال، علماً بأن هذه الأكلات الطيبة صارت لنا أيضاً، للآباء والأمهات يتناولون منها، وكذلك الشباب والبنات، وإن ليس في الطريق كالأطفال ففي البيوت!. فما بالكم أن يصدر إعلان يدعو لتناول هذا الكيس الكبير من قبل الطفل الصغير، وغالباً ما يتم ذلك أمام والديه وأمام الجميع، وفيه من المواد المختلطة والتي لم تشرح لنا أية دائرة صحية أو تراقب، أضرار هذا النوع من الطعام، والذي في الأقل، هو بهذه الكمية من الملوحة أحياناً، على صحة هذا الطفل “السعيد” بهذا الكيس؟!
من الطبيعي أن حديثنا موجه تحديداً إلى الدوائر الصحية في بلادنا العزيزة العظيمة، وليس المقصود هنا، أية إساءة أو إشاعة، عن أي نوع من هذه المآكل المغرية وهي بالعشرات إن لم نقل بالمئات في أكياسها وعلبها وقطعها المتنوعة الأشكال والألوان والشديدة الإغراء وللأطفال خاصة! والتي تجعل حبنا للأطفال يكاد لا يظهر على حقيقته إلا بشرائها لهم!
هكذا، وكما ذكرنا في المقدمة، لا يصح إلا الصحيح، فلماذا لا يشمل الإعلان في المحطات التلفزيونية عن هذه الأكلات الطيبة ماذا فيها من الفوائد وماذا فيها من الأضرار؟!. هذا مع العلم أننا لا نقصد محطة تلفزيونية بعينها ذلك أنه توجد وكما نعلم جميعاً، أكثر من ألف وسبعمئة محطة تلفزيونية ناطقة باللغة العربية وتعيش معظمها إن لم نقل كلها على الإعلانات وما تدر عليها هذه الإعلانات من المال!.
وهكذا أكرر هنا أيضاً ما جاء في المقدمة، ولا أخجل من التكرار، وذلك لكي أقول: إن مستقبل الإعلان سواء في بلادنا، أو في الدول الإقليمية أو في العالم أيضاً، إنما يسير باتجاه أن يكون صحيحاً!؟ أي إنه إعلان صادق وصحيح سواء كان عن منتج طعامي، أو تسهيل لأمر من أمور الحياة، أو دعاية لسياحة، أو فيلم سينمائي، أو لسهولة السفر عندنا وفي حافلاتنا، أو لأي أمر آخر!. مع العلم بأن التأكيد على الصدق في الإعلان هنا، لا يعني وكما ذكرنا، أية إشارة إلى وجود عدم الصدق في الإعلانات الحالية.
هكذا سيصبح الإعلان هو تقديم المعلومات الصحيحة للإنسان والذي يمثل هنا كل الشعب، بل كل الشعوب التي ترى هذا الإعلان!. وهذا معناه، أن تتشكل دائرة أو مديرية مسؤولة عن صحة كل إعلان على حدة، فإذا كان عن منتج يؤكل فيجب تحليل هذا المنتج وإعطاء المعلومات الصحيحة عنه بل ونشرها على حساب المنتِج!.
وهذا أمر يجب أن يوقع عليه صاحب الإعلان بالموافقة سلفاً، وقبل قبول إعلانه!. وكذلك، إذا كان الإعلان يشمل أي نوع من التسويق أو الدعاية لتسويق معين ومن أي نوع كان كما ذكرنا، فيجب أن يكون لدى هذه الدائرة أو المديرية التي ندعو لتشكيلها عندنا، وفي كل مكان في الدول الإقليمية وفي العالم كل الصلاحيات، وكل القدرات على تحديد صحة الإعلان من عدمها، وكمثال أن يكون الإعلان عن الفيلم السينمائي بأنه درامي عاطفي ولا غير أو هو يعرض جريمة أو فيه جنس وإباحية! وهكذا فإن الجمهور لا ينخدع ويعرف قبل أن يدخل ماذا سيرى! وبعد ذلك يدخل الإعلان إلى الإعلام .. ويصبح هذا من حقه!. كما يصبح كل مشاهد، وفي كل مكان في العالم، يصدق كل ما يشاهد من الإعلانات، ويصبح هذا من حقه أيضاً!. وهكذا تكون النصيحة اليوم، وبكل بساطة وفي كل الإعلام، الإعلاني وغيره، أنه لا يصح إلا الصحيح، ولن يصح مدى الحياة إلا الصحيح، ودائماً وباستمرار، وعلى الرغم من كل ما يخطط له وينفذه أعداؤنا وأعداء الشعوب!.