صحيفة البعثمحليات

إحداث أول مختبر جنائي رقمي في سورية.. قريباً 300 ضبــــط “جريمــــة إلكترونيــــة” خــــلال 3 أشــــهر وأغلبهــــا “قـــدح وذم”

دمشق– ريم ربيع

لايزال قانون الجريمة المعلوماتية وآليات تطبيقه في الشارع السوري يثير جدلاً بين من وجدوا فيه حلاً آمناً لضمان الخصوصية وحفظ الحقوق، وآخرين اعترضوا على تطبيقه، مشددين على ضرورة حماية حرية الفرد في النشر على الشبكة، ومابين الوجهين نجد من يراقب ويتابع آليات التطبيق والعثرات الذي تواجه هذا النوع “حديث العهد” من الجرائم بهدف الوصول إلى قانون متطور يضمن حقوق الجميع بحرية استخدام الشبكة دون التعدي على الحقوق العامة والخاصة، في حين يتساءل البعض فيما إذا كان قضاة سورية مؤهلين للتعامل مع هذا النوع من الجرائم المتخصّصة، أم ستكون الأحكام مبنية على آراء ومواقف شخصية دون أساس علمي موحد!!.

في هذا السياق يوضح القاضي د. طارق الخن المحاضر في المعهد العالي للقضاء والخبير في منظمة “الإسكوا” للتشريعات السّبرانية أن الوزارة وضعت خطة لتفادي مثل هذه الأحكام الاعتباطية عن طريق تدريب القضاة القائمين على رأس عملهم، حيث تتضمن الجانب التقني والقانوني بكل ما يتعلق بالجرائم المعلوماتية كون المعرفة القانونية للقاضي غير كافية للنظر بهذا النوع من القضايا بحسب رأيه. وانطلقت الخطة من دمشق وريفها ومحكمة النقض، حيث تمّ تدريب 62 قاضياً خلال 2017، وسيكون التوجه هذا العام لتدريب قضاة اللاذقية وحمص وطرطوس، بينما يتمّ تهيئة طلاب المعهد العالي للقضاء عن طريق اطلاعهم على ضبوط القضايا وتحليلها لاكتساب الخبرة اللازمة.

ويؤكد الخن أنه من غير الممكن مراقبة الشبكة بالكامل، وبالتالي يتركز الاهتمام على المواقع التي يمكن مراقبتها بشكل مسبق، كتلك المروّجة للإرهاب وكيفية صناعة المتفجرات أو المواقع التي تروّج لأي نوع من الجرائم، أو التي تهدف لإثارة النعرات الطائفية في المجتمع السوري، وما دون ذلك من غير الممكن مراقبته، مبيناً أنه تمّ تنظيم 300 ضبط خلال الربع الأول من 2018 بالتعاون مع فرع مكافحة الجريمة الإلكترونية، علماً أن 70% يتعلق منها بجرائم الذم والقدح، ويتراوح الباقي بين انتهاك حرمة الحياة الخاصة والاحتيال والتهويل، حيث يبدأ التحقيق بعد وقوع الجريمة بناءً على شكوى أو إخبار أو ادعاء شخصي، بينما تتراوح العقوبات بين الجنح والجنايات. ويضيف الخن: إن الفرع يعتمد على خبراء تقنيين وبرمجيات عالية الدقة قادرة على تعقب المجرم المعلوماتي، بالاستعانة بخبراء من وزارات العدل والاتصالات والدفاع.

وتتوجّه الجهود ضمن هذا السياق لإحداث مختبر جنائي رقمي بالتعاون ما بين ثلاث وزارات (العدل والداخلية والاتصالات والتقانة)، إذ تتمّ دراسة العروض الصينية والروسية لتباشر العمل خلال سنة ضمن تكلفة هائلة لا يمكن لسورية وحدها تحمّلها. ويلفت القاضي الخن إلى أن التحقيق الآن أصبح أكثر سهولة من السابق، ولاسيما بعد صدور قانون المحاكم المتخصّصة للنظر في جرائم المعلوماتية خلال هذا العام، حيث أوجب القانون إحداث نيابة متخصّصة ودوائر تحقيق ومحاكم بداية جزاء واستئناف وغرفة في محكمة النقض، على أن تتضمن قضاة من أصحاب الخبرة في هذا المضمار ممن تلقوا تدريباً عاماً ومتقدماً في مجال الجرائم المعلوماتية.

واعتبر الخن أن قانون مكافحة الجريمة المعلوماتية السوري لا يطابق أي تشريع عربي أو أوروبي، إنما استفاد من جميع التجارب التشريعية على رأسها اتفاقية بودابست لمكافحة الجريمة الافتراضية 2001، وتوصيات منظمة “الإسكوا”، وتمّ صياغة التشريع بما يتناسب مع طبيعة المجتمع السوري والإمكانيات التقنية المتاحة، كون مكافحة هذا النوع من الجرائم يعتمد بشكل كبير على القدرات التقنية لكل دولة، وهي تقنيات غالية الثمن ومن الصعب الحصول عليها في ظل العقوبات الاقتصادية التي تحظر بيع البرمجيات المتعلقة بأمن المعلومات والأدلة الرقمية لسورية.