العقوبات الاقتصادية تعرقل مساعي التشاركية لإعادة تشغيل معمل الإطارات.. مدير عام “الكيميائية” ينفي الخصخصة ويؤكد التوجه نحو استثمار المعامل المتوقفة بنشاط بديل و بربح مادي
قيود كثيرة فرضتها ظروف الأزمة على القطاع الصناعي بمختلف مؤسساته، كان للعقوبات الاقتصادية والحصار المطبق على سورية التأثير الأكبر فيها، إلا أن عوائق داخلية أيضاً حالت دون السرعة في استدراك الخلل، يمكن تلخيصها بالمتطلبات المالية الكبيرة لإعادة الإعمار والتي تحتاج تعاوناً على مختلف المستويات المحلية والأجنبية، كذلك مشكلات التسويق للمنتجات المصنعة محلياً، فضلاً عن النقص الحاد الذي طرأ على العمالة في مختلف المجالات، وخروج الكثير من المنشآت الإنتاجية عن العمل، ولعل لنا في المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية أنموذج يجسد واقع القطاع الصناعي العام، فبعد أن كانت تضم 13 شركة في خطتها الإنتاجية في كل من دمشق وحلب وحمص ودير الزور وحماة، فإنه لا يتجاوز عدد الشركات المدرجة في خطتها الإنتاجية حالياً الـ8 شركات وهي (الأسمدة، تاميكو، الدهانات، الأحذية، دباغة دمشق، بلاستيك دمشق، سار، بلاستيك حلب) في حين يبقى مصير الشركات المتبقية رهن توفر الظروف المواتية لإعادة تأهيلها وفق المواصفات المطلوبة.
حالت دون التشاركية..!
ففي الوقت الذي توقفت فيه 5 شركات عن العمل بشكل كامل، يوضح مدير عام المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية د.أسامة أبو فخر أن المؤسسة توجهت لعرض بعض هذه الشركات للتشاركية بغية تخفيف الأعباء المالية المترتبة على إعادة تأهيلها، ولاسيما شركة الإطارات المتوقفة من قبل الأزمة نتيجة عدم مواكبتها للتطور الحاصل في هذا المجال ولاسيما لجهة التكنولوجيا المطلوبة، وإعادة تأهيلها والمقدر تكلفته بـ(40 – 50 مليون دولار وفق التكنولوجيا شرق آسيوية، و80 – 90 مليون يورو وفق التكنولوجيا الأوروبية)، إلا أنه وبحسب أبو فخر فقد تسببت العقوبات الاقتصادية وصعوبات التصدير بتهرب الكثير من الشركات المحلية والأجنبية ذات العلامة التجارية الجيدة “وهي أحد الشروط المطلوبة” من الاستثمار في شركة الإطارات وفق صيغة التشاركية، على الرغم من كونه مشروعاً مربحاً جداً وذا بنية تحتية مؤمنة بشكل جيد. وكذلك تم طرح شركة الدباغة وشركة زجاج حلب للتشاركية بسبب غياب الإمكانية المادية لترميمها، نظراً لنسبة التدمير الكبيرة خاصة في الأخيرة والتي تجاوزت الـ 28 مليار ليرة.
لا خصخصة..
ونفى مدير المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية وجود أي نية حالياً لبيع أصول الشركات للقطاع الخاص، وإنما يتم التوجه لاستثمار المعامل والشركات المتوقفة عن العمل في أي نشاط بديل يعود بربح مادي جيد ضمن الظروف المتاحة، ولاسيما في شركة زجاج دمشق.
رغم جودتها..!
لم يغفل أبو فخر الإشارة إلى الجودة العالية لمنتجات الشركات التابعة للمؤسسة، ومواصفاتها القياسية، وفي مقدمتها منتجات الشركة العامة للأسمدة التي تضاهي مواصفاتها المعايير العالمية سواء في أنواع الأسمدة أو حتى المواد الثانوية، لافتاً إلى أن الشركة تحقق حالياً الكفاية الذاتية للسوق السورية بعد أن لجأت للاستيراد لعدة سنوات، حيث كانت حاجة القطر 600 ألف طن سنوياً من سماد اليوريا في حين لم يتجاوز الإنتاج الـ350 ألف طن. وأشار أبو فخر إلى الرواج الكبير الذي تلاقيه منتجات دهانات أمية لجودتها التي لا يوجد لها منافس في القطاع الخاص رغم تفوق السياسة التسويقية للأخير. وفي هذا السياق نوّه مدير المؤسسة بمحدودية استجرار القطاع العام لمنتجات شركات المؤسسة رغم تعميم رئاسة مجلس الوزراء لحصر استجرار الدهانات للمؤسسات الحكومية من شركة أمية، إضافة لآخر يشترط تضمينها في دفاتر الشروط عند طلب إحدى الجهات العامة لأي مشروع.
نسبة متواضعة
وعلى الرغم من التحسن الملحوظ للمؤسسة ككل وتطور نسب التنفيذ والمبيعات بنسبة 234% تقريباً عن العام الماضي، إلا أن نسبة التنفيذ للخطة الإنتاجية حتى نهاية الشهر الثامن لم تتجاوز 34% نتيجة خروج الشركة العامة للأسمدة عن الخدمة لمدة محدودة، والضغط في طلب الكهرباء والغاز الطبيعي في ذروة الصيف ما أدى إلى توقف الشركة.
استثمار روسي
وخلال حديثه عن الشركة العامة للأسمدة أوضح أبو فخر أن وضع الشركة الفني غير جيد ويحتاج إلى تمويل كبير، لذلك كان التوجه للاتفاق مع شركة روسية لاستثمار معامل الأسمدة بهدف الوصول للطاقات الإنتاجية التصميمية وتخفيف الضرر البيئي، وتحسين الوضع الفني لكافة الآلات وخطوط الإنتاج، إضافة إلى خفض التكاليف وزيادة الأرباح، مؤكداً على مجموعة من الضوابط التي لا يمكن التنازل عنها، في مقدمتها حصر الملكية للدولة وتحديد الاستثمار بفترة 15 سنة بحيث تضخ الشركة الروسية مبلغ 200 مليون دولار، إلى جانب الحرص على الإدارة المشتركة بين الطرفين، والحفاظ على حقوق العمال وتحسينها. في حين حاز التسعير للسوق المحلية على الحصة الأكبر من النقاش حيث اشترط الجانب السوري أن يكون التسعير إما عن طريق اللجنة الاقتصادية أو يتحدد بنسبة أرباح بسيطة جداً، مشيراً إلى أن العمل متواصل مع الجانب الروسي بعد أن أبدى موافقته على مضمون المعطيات المقدمة والتوصل لإطار تفاهم يحقق مصلحة الطرفين.
تحديات
واستعرض أبو فخر التحديات الأساسية التي تواجه المؤسسة بدءاً من التمويل اللازم لإعادة تأهيل المنشآت المتضررة، والصعوبات التسويقية ونقص الكادر البشري المؤهل، إضافةً إلى عدم استقرار الأسعار في الأسواق، ومعوقات عمليات التنفيذ الناتجة عن رصد الاعتمادات بشكل جزئي، لافتاً إلى عدم قدرة الجهات العامة على مجاراة القطاع الخاص في تسهيلات الدفع عند تسويق المنتجات من حيث نسبة العمولة والدفع الآجل وتوزيع العروض، ولاسيما في ظل القيود التي تفرضها بعض الأنظمة والقوانين على القطاع العام.
آلات حديثة
وفي إشارة منه إلى تحسين الصناعة الدوائية في سورية بيّن مدير عام مؤسسة الصناعات الكيميائية أن أرباح الشركة العربية الطبية “تاميكو” تجاوزت 860 مليون ليرة خلال العام الماضي على الرغم من التدمير الممنهج لها، في حين قد تتجاوز نسبة الأرباح المخطط لها خلال العام القادم 2 مليار ليرة بعد تأمين مجموعة من الآلات الحديثة وخطوط الإنتاج مثل خط الشراب الجاف الذي سيتم إدخاله بالعملية الإنتاجية مطلع العام القادم بقيمة 340 مليون ليرة، إلى جانب إدخال آلة متطورة للكبسول بقيمة 140 ألف يورو، وآلة لكبس الأقراص. كما تمّت إضافة 1500 م2 للمقر الحالي للشركة ويجري التحضير لتأمين مستودعات للتوزيع لحين إعادة إقلاع المقر الأساسي. ولفت أبو فخر إلى الانطلاق بتشييد أحد أكبر معامل الأدوية البشرية في الشرق الأوسط في السويداء بمساحة 54 ألف م2 يضم 12 خطاً إنتاجياً وفق أرقى قوانين الجودة، حيث سلمت الإضبارة التنفيذية بالكامل لوزارة الأشغال العامة خلال أقل من سنة وباشرت الشركة العامة للبناء والتعمير بإنشاء المعمل.
ريم ربيع