صحيفة البعثمحليات

معدلات صاروخية!!

لم يفاجأ البيت السوري من جنون المعدلات الجامعية، وهو أمر تعوّدنا عليه على مدار السنوات السابقة، لكن معدلات أول أمس “شطحت” كثيراً في بعض التخصّصات، ووصلت إلى مستوى لا يُصدق، جعل أمنيات ورغبات طلبة الثانوية بالفرع العلمي في مهب الريح وضاعت المفاتيح، والطالب “التوب” فقط من يستطيع إيجادها، وهم قلّة قليلة قياساً لشرائح الدرجات!.
ليس هذا عدلاً.. ليس هذا مقبولاً.. عبارات سمعناها من الطلبة وذويهم تعبيراً عن الامتعاض من الارتفاع المذهل للمعدلات التي يتمّ تفصيلها على مقاس الطلبة العباقرة، ولعلّ وصف أحدهم لها بأنها “أعلى من قمة إفرست” تشبيه أو وصف لا مبالغة فيه ولا تنفع معه أي مبررات وزارية حفظناها عن ظهر قلب، طالما لا زالت العلامة هي الحاكم الآمر والناهي بمستقبل عشرات الألوف من الناجحين الطامحين باستكمال تحصيلهم العلمي!.
من يتصفّح إعلان المفاضلة يرى بوضوح أن هناك بعض التخصّصات قفز معدلها بحدود الـ 20 درجة، وبعض الكليات لامست حدود الكليات الطبية، حتى معدلات اللغات جنّ جنونها كمجموع عام أو درجة اختصاصية، والكل لاحظ الفارق الكبير بين جامعة وأخرى في التخصص نفسه كالهندسات على سبيل المثال، علماً أن بإمكان أي طالب في العام التالي أن ينقل قيده إلى جامعة أخرى عندما ينتقل إلى سنة أعلى. والسؤال هنا: لماذا هذا الفارق الذي يصل إلى أكثر من عشر درجات طالما يجوز النقل إلى كليات مماثلة كانت معدلاتها أقل أثناء عام التسجيل؟!.
هو أحد الأسئلة الساخنة الكثيرة، لكن على ما يبدو أن كل ذلك لا يعني “التعليم العالي” التي لم تكتفِ برفع المعدلات، وإنما تتفنّن بإصدار القرارات التي تعرقل الطلبة وتضغط عليهم للتخلي عن أحلامهم باستكمال تحصيلهم الدراسي!!.
هذا لسان حال الطلبة الذين يشكون ألم ضياع الأحلام، وخاصة المتفوقين الحقيقيين وليس هؤلاء المزيفين الذين حصلوا على درجات في الثانوية من دون تعب!.
بالمختصر، لم يعد مقبولاً استمرار تحكّم المجموع العام للدرجات بمستقبل الطالب، فهذه الطريقة لا توحي بالثقة والمصداقية، لأنها لا تعبّر عن المستوى الحقيقي للطالب، وخاصة في ظل الفساد الواضح في امتحانات الثانوية العامة!.
المطلوب على وجه السرعة البحث عن أسس جديدة للقبول الجامعي، وهنا نسأل: هل يعقل منذ عام 2007 -تاريخ انعقاد الملتقى الوطني لتطوير سياسة القبول الجامعي في جامعة البعث- لم تصل “التعليم العالي” إلى أسس ومعايير جديدة لتطوير أسس القبول الجامعي وإقرار المناسب منها؟!.
غسان فطوم
ghassanfattoum@gmail.com