دراساتصحيفة البعث

“المد الأحمر” في مواجهة “الموجة الزرقاء”

ترجمة: علاء العطار

عن “نيويورك بوست” 13/10/2018

انطلق جيسون فوغل ليصوّت، وقال إن شغفه تبلور قبل أسبوعين عندما رأى كيف ستعمّ الفوضى الولايات المتحدة إذا ما استولى الديمقراطيون على السلطة في الكونغرس، وعندما اتهم الديمقراطيون في مجلس الشيوخ مرشح المحكمة العليا بريت كافانو بمحاولة الاغتصاب دون دليل، واقتحم المحتجون الغاضبون مبنى الكابيتول، قال إنه يشعر بقلق متزايد.

وقال: “يصعب تخيّل حدوث ذلك كل يوم، لكنك تبدأ بإدراك أن هذا هو بالضبط ما سيحدث إن لم أصوّت”.

شارك فوغل وعائلته في مسيرة لصالح ترامب وعضو الكونغرس الجمهوري المحلي مايك كيلي، الذي رشّح نفسه للانتخابات مرة أخرى، ومع أن عائلة فوغل تجلس بعيداً عن المنصة، لكن يبدو أن هذا لم يثبط من حماسهم.

يقول مسؤول النقابة الذي يبلغ من العمر 40 عاماً إنه أصبح لديه حافز للتصويت لصالح كيلي عندما أدرك أن كل شيء يثمّنه يدافع عنه ترامب وموجود في ورقة الاقتراع الخاصة بكيلي: “التعديل الثاني، التجارة وخلق الوظائف والحفاظ على اقتصاد جيد، وهو ما يصبح نضالاً يومياً في حال خسارة الجمهوريين في الانتخابات النصفية”.

وأضاف: “ينتاب العديد من أصدقائي الشعور نفسه، ونسأل أنفسنا، ما السبب الذي يدفعنا لنصوّت لأي ديمقراطي؟ فبالتأكيد لم تكن حياتنا أفضل في طريقة قيامهم بالأعمال”.

في تشرين الثاني الجاري، السؤال الذي يطرح نفسه ما الذي سيشجع الائتلاف الشعبي المحافظ الذي وضع دونالد ترامب في البيت الأبيض للتصويت لصالح المرشحين الجمهوريين، والمساعدة في الحفاظ على غالبيتهم في كل من مجلسي النواب والشيوخ؟ وهل السبب ترامب نفسه؟ طبعاً لا!.

إذا تمكنت من إدراك ما حدث في عام 2016، لم تكن الانتخابات تتمحور حول الرئيس أبداً، وهو لم يكن الدافع لتشكيل الائتلاف، بل كان نتيجة له. وفي مقابلة مع دونالد ترامب قبل جولته الانتخابية في إِرِي، بنسلفانيا، اعترف دون تردّد أن ائتلافه جديد وفريد وغالباً ما يساء فهمه، وقال: “إنه ائتلاف مثير للاهتمام وطموح للغاية من الناس فجميع من فيه يريد الاتحاد معاً”.

ويبدو أنه فوجئ بحجم الحشد في الساحة المكتظة، وقال “إنهم يقولون إن هناك 14 ألف شخص خارج هذا المكان لم يستطيعوا الدخول إليه، أنت تعلم أننا نضع شاشات في الخارج، الأمر هكذا دائماً”.

وابتسم حين أُوحِي بأن “الموجة الزرقاء” المفترضة من الناخبين الديمقراطيين فقدت قوتها. وقال حين كان هدير الحشد يملأ المدرج “يبدو أن الناس يحركهم حافز كبير”.

وبالنسبة لائتلاف ترامب، كانت هذه الانتخابات تدور دائماً حول المشكلات المحلية التي أصابتهم في الصميم، فقد دُمّرت ضواحيهم  ومدنهم الصغيرة والمتوسطة الحجم تدريجياً، وتآكلت المجتمعات المحلية الزراعية خلال العقود القليلة الماضية، لقد عرف ترامب ذلك بشكل بديهي، وهو يعلم أن هذا ما يمكن أن يحفزهم مرة أخرى في الانتخابات النصفية، وربما يتطابق مع كثافة الديمقراطيين الذين سيخرجون للتصويت ضده.

ويواجه كيلي الديمقراطي رون دي نيكولا، وهو محامٍ تلقى تعليمه في جامعة هارفارد، وخدم في القوات البحرية وقام بصنع اسم له كملاكم شاب، ويصنّف موقع “ريل كلير بوليتيكس” هذا السباق بأن الاحتمالات تميل “لصالح الحزب الجمهوري”.

بالنسبة لأيمي ويستبروك، وهي جمهوريّة تقول إنّ تصويتها في الانتخابات النصفية يعني الحفاظ على الأشياء التي تهمّها، كالقيم التقليدية، وتضيف: “سمعت للتو مايك كيلي للمرة الأولى، وأحببت ما سمعت”.

وتقول ويستبروك، وهي واقفة ضمن حشد من الناس في المسيرة الانتخابية: إنّ مسرحية كافانو لم تحرك داخلها شيئاً، رغم أنها أمعنت النظر في جلسات الاستماع، وتضيف: “أردت حقاً أن أسمع كلا الطرفين لأصل إلى الحقيقة، وهذا أمر مهمّ بالنسبة لي”. وقالت إنها لا تشجع سلوك الرئيس دائماً، “لكنني سعيدة بالنتائج”.

إذا تكتل أناس مثل ويستبروك وفوغل حول الحزب الجمهوري، فقد يكون الديمقراطيون في ورطة، وإذا استمر الديمقراطيون في دعم أشخاص يطرقون أبواب المحكمة العليا احتجاجاً، أو يضايقون الجمهوريين وعائلاتهم أثناء تناول العشاء، أو يتحدثون دون توقف عن المساءلة أو يردّدون مشاعر هيلاري كلينتون التي تقول: “لا يمكنك أن تكون لبقاً مع حزب سياسي يريد أن يدمّر كل ما تؤمن به”، فإنهم قد يفعلون ما اعتقدت أنه أمر مستبعد، أي أنهم سيوقفون تدفق موجتهم الزرقاء بأيديهم.