ثقافةصحيفة البعث

بسام كوسا مكرَّماً من قبل اتحاد الفنانين التشكيليين

 

 

“لستُ نحّاتاً وإن كنتُ خريج كلية الفنون الجميلة-قسم النحت حيث الفرق بينهما شاسع، فمهنة النحت مهنة عبقرية، ووجوده في صالة الرواق أعاد إليه العديد من الذكريات القديمة لفنانين كباراً كانوا يقصدون هذا المكان”.. بهذه الكلمات بدأ الفنان بسام كوسا حديثه ضمن الحوار المفتوح الذي دعا إليه مؤخراً اتحاد الفنانين التشكيليين لتكريمه عن مجمل مسيرته الفنية ضمن فعاليات الرواق الثقافية التي يديرها الإعلامي ملهم الصالح.

فنان الاستثناء
وبيَّن د. إحسان العر عميد كلية الفنون الجميلة أن استضافة بسام كوسا وهو الفنان التشكيلي والنجم التلفزيوني يأتي ضمن سلسلة من الفعاليات الأخرى التي يحرص اتحاد الفنانين التشكيليين على إقامتها بشكل دائم، في حين أشار مدير هذه الفعاليات الإعلامي ملهم الصالح إلى أن اتحاد الفنانين التشكيليين ارتأى تكريم قامة فنية مبدعة وهو خريج كلية الفنون الجميلة وشخصية سورية يُراهَن على دورها الكبير في قادم الأيام، أما الناقد أحمد هلال فأكد أن كوسا فنان الاستثناء وهو فنان تشكيلي ذهب إلى الدراما وكتب القصة وهو شخصية جديرة بالتكريم وقد حقق عبر مسيرته معادلة صعبة بين القيمة والانتشار.

ظرف موضوعي
بدأ الفنان كوسا كلامه بالحديث عن طفولته وهو المولود في مدينة حلب، مبيناً أنه عاشها ضمن ظرف موضوعي مكَّنه من ممارسة هواياته كالرسم، وقد قيّض له مجموعة من الأساتذة في مدرسة سيف الدولة الحمداني أشرفوا على هذه الموهبة بطريقة مدهشة، في حين حظي بعائلة مكّنته من ارتياد المسرح ودور السينما، وعندما نال الشهادة الثانوية توجه لدمشق للدراسة في كلية الفنون الجميلة-اختصاص نحت ليشارك بعد تخرجه في معرضه الأول والأخير الذي كان تحية للفنان ميلاد الشايب، مشيراً إلى مشاركات عديدة له في المسرح بحلب ليتابع شغفه هذا فيما بعد من خلال المسرح الجامعي في دمشق والمسرح الوطني الفلسطيني، ومن خلالهما تعرّف عليه المخرجون الذين كانوا يحضرون المسرح بحثاً عن الوجوه الجديدة للعمل في التلفزيون والسينما، إذ أنه شارك في عدة أعمال وهو ما زال طالباً في كليته، منوهاً إلى الدور الكبير الذي لعبه المسرحي فواز الساجر في حياته والذي كان متابعاً لما يقدمه طلاب كلية الفنون الجميلة، معترفاً أنه لم يشجعه على دخول المعهد العالي للفنون المسرحية لإيمانه الكبير به كنحات، مؤكداً أنه وعلى عكس ما يتم تداوله لم يتقدم للمعهد العالي للفنون المسرحية ورُفِض، وأن المعهد العالي للفنون المسرحية سيبقى بالنسبة له صرحاً ثقافياً كبيراً وسيظل يدافع عنه لأنه مع العلم بالدرجة الأولى.
وأشار الفنان بسام كوسا إلى تجربته المسرحية ممثلاً ومخرجاً ومشرفاً على مشروعَي تخرج لطلاب المعهد العالي للفنون المسرحية لا بهدف تقديم مشروع تخرّج لعدد من الطلاب بل لإيصال مجموعة من الأفكار اتجاه مهنة التمثيل وهي مهنة صعبة وإشكالية، متمنياً أن يكون قد حقق هذه الأهداف بالشكل الصحيح، موضحاً أن مهنة التمثيل بالنسبة له مهنة معرفية لا تقبل أنصاف الحلول، والدفاع عنها يكون بالمعرفة والبحث وتطوير الذات، وهي لا تحتاج للموهوب فقط بل لمن يجتهد فيها ولا يهملها.

بعيداً عن التزوير
وحول عمله في الدراما التلفزيونية وهو الذي يملك في رصيده أكثر من 100 عمل توقف عند الأعمال التاريخية القليلة التي شارك فيها، مشيراً إلى أنه وبعد عدة تجارب له على هذا الصعيد آثر عدم المشاركة فيها وفي أعمال السير الذاتية التي يتم تقديمها عادة بشكل معقم بعيداً عن الصدق والحقيقة، ولما تتضمنه من نفاق ولأنه لا يريد أن يساهم في التزوير والابتعاد عما هو حقيقي، منوهاً بالوقت ذاته إلى أن مسلسل “الشك” الذي شارك فيه كان أول مسلسل سوري يُبث عبر الانترنيت الذي شكل مع وسائل التواصل انعطافة كبيرة غيّرت سلوكنا وطريقة تفكيرنا، وبالتالي كان من الضروري استثمارها بالشكل الذي يخدمنا.
وعن واقع الدراما في الوقت الحالي نوّه كوسا إلى أهمية النص الجيد والمخرج كقائد للعمل وقدرته في إيصال العمل للمكانة اللائقة، موجهاً التحية لمجموعة المخرجين الكبار الذين أداروا أعمالاً تلفزيونية مهمة في سورية، متمنياً أن يعود الألق لها من خلال تغيير آلية العمل فيها ووجود مؤسسات وقيّمين عليها يعرفون جيداً آلية العمل في هذه المهنة التي هي انعكاس حضاري لشعوبها، كما لم ينكر كوسا أجره العالي، مبيناً أن أرباح شركات الإنتاج كبيرة ويجب أن تنعكس على أجور كل العاملين في الدراما.
أما علاقته مع السينما فبدأت من خلال فيلم “قتل عن طريق التسلسل” إخراج محمد شاهين ومن ثم “حادثة النصف متر” للمخرج سمير ذكرى، لتتتالى بعد ذلك مشاركاته السينمائية مثل “شيء ما يحترق” للمخرج غسان شميط و”المتبقّي” للمخرج الإيراني سيف الله داد و”صعود المطر” و”نسيم الروح” مع المخرج عبد اللطيف عبد الحميد و”تراب الغرباء” للمخرج سمير ذكرى، وبعد غياب دام 20 عاماً عاد كوسا للسينما من خلال الفيلم اللبناني “محبس” لصوفي بطرس.

تجربة يتيمة
وفي مجال الكتابة الإبداعية كان لبسام كوسا تجربة يتيمة تجلّت في مجموعته القصصية “نص لص” مبيناً أنه وقبل إصدارها كان ينشر كتاباته في الصحف المحلية وبعض الدوريات إلى أن أصدر مجموعته التي عبَّر من خلالها عما كان يجول في خاطره، وقد اكتفى بها حتى الآن حيث لا مشروع قادم له في هذا المجال.
وقد حضر التكريم المخرجان السينمائيان سمير ذكرى ومحمد ملص وقدّما مداخلتين، حيث تحدث ذكرى عن علاقته ببسام كوسا التي بدأت عام 1986 من خلال فيلم “حادثة النصف متر” لافتاً إلى أن كوسا يتمتع بجدية عالية في العمل حيث استفاد من دراسته في قسم النحت بنحت شخصياته التي يقدمها، مبيناً أن ما يميز كوسا أنه فنان غير أناني مع زملائه، في حين أكد ملص أن كوسا واحد من أفضل الممثلين العرب، وهو وإن لم تكن له تجربة معه كمخرج إلا أنه يراه يحقق إنجازه الفني من خلال الفهم العميق لمفهوم الأداء والشخصية الموكلة إليه، وقدرة في العمل الدؤوب على الذات لإعادة صياغة الشخصية التي يقدمها بألق مدهش.
وتضمن التكريم عرض فيلم تناول مسيرة بسام كوسا الفنية وبعض الشهادات التي تحدثت عنه كشهادة الأمير أباظة مدير مهرجان الإسكندرية السينمائي وشهادة الفنان التشكيلي فتحي الجراح المقيم في أميركا.
أمينة عباس