حقنات تفاؤل
نتفهم تماماً ما تقدم عليه بعض الإدارات المصرفية من تمرير حقنات تفاؤل تفرش طرق الزبون اللجوج للسيولة بآمال عودة “حنفية القروض” للضخ من جديد، في تعامل تكتيكي يرمي إلى إشاعة الطمأنينة في جيوب الناس بأن بيوت المال مكتنزة وجاهزة لتقديم خدماتها البنكية في أي وقت على مبدأ لا منع ولا حرمان ولا توقف والأهم لا ديون ولا هم يحزنون؟
لطالما تحيك المصارف العامة وفي محرابها الخاص نموذجاً متمرساً في إدارة حقائبها المالية تقوم على أساس الخد والعين وضمان حياة القطيع من الفناء والذئب من الموت، وما بين الرضى والحنق تبقى مؤسسات الدولة المصرفية متربعة في الصدارة على أنها العباءة التي يتلحف بها محدودو الدخل ومهدودو الحال وطالبو “الكاش” لقضاء الحوائج وتلبية متطلبات من عيار استثماري وتوظيفي وحتى استهلاكي.
ندرك حرص المصرفين “الأشهر” والأوسع نشاطاً “التجاري والعقاري” لتجديد الوعود بقرب فتح باب القروض، ولكن هذه المرة لم تكن التصريحات بذاك القدر من الثقة بالنفس الذي ألفناه سابقاً في خطوة فسرها البعض بأنها أقرب للواقعية عبر النزول من برج النرجسية إلى أرض التداعيات والمنعكسات التي تفرض على العمل المصرفي ضبط اليد وعدم الإفراط في فتحها ضماناً للموجودات وحفاظاً على السيولة وعدم الاقتراب من المدخرات والودائع، وهذا ما يجب التركيز عليه في زمن الترشيد وتقنين الإنفاق ومزيد من شد الأحزمة على البطون للخروج بخسائر أقل والمواجهة أكثر وأكثر؟
هنا لا يمكن تحييد التجارب التي مرت عليها المصارف، ولاسيما العامة منها في زمن الحرب من سحوبات بعضها كارثي وأخرى لم تكن مقنعة وقروض ازدحمت فيها فصول المخاطرة وسوء الأمان والائتمان ما أوقع بعض البنوك في مأزق لم تتنبه له إلا متأخرة، فالعقاري وباعتراف أهل بيته انخفضت سيولته وزادت سحوباته وقلت إيداعاته بالتوازي مع تعثر المقترضين، في وقت لم يكن حال التجاري والتسليف والتوفير والصناعي بأفضل، فالخدمات المقدمة تراجعت والقروض وجهت بفرمان حكومي نحو المستلزمات الأساسية المتعلقة بتمويل العمليات التجارية الأهم للمؤسسات في حين بقيت الشرائح الأخرى خارج التغطية؟
علي بلال قاسم