الصفحة الاولىصحيفة البعث

الغرب يستخدم الأمم المتحدة منبراً لتسييس العمل الإنساني الجعفري: ماضون في محاربة الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من أراضينا

 

 

لا يكاد يمر أسبوع إلا ويُدعى مجلس الأمن للانعقاد لمناقشة الوضع الإنساني في سورية، أما الغاية فليس تقديم المساعدة للسوريين كما تدّعي بعض الدول الغربية التي ساهمت بشكل رئيسي في الحرب، وإنما لتسييس العمل الإنساني واستخدام الأمم المتحدة منبراً لتشويه صورة الدولة السورية وتحميلها مسؤولية الأفعال الإجرامية التي يرتكبها الغرب وأدواته في الداخل السوري المتمثلة بالمجموعات الإرهابية بمختلف مسمياتها.
بالأمس عقد مجلس الأمن الدولي جلسة حول تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن الوضع الإنساني في سورية، أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري خلالها أن بعض الدول الغربية لا تزال تواصل عرقلة وتسييس العمل الإنساني في سورية خدمة لأجنداتها السياسية، مشدداً على أن سورية ماضية في محاربة الإرهاب حتى تحرير آخر شبر من أراضيها، سواء من الإرهاب أو من أي وجود عسكري أجنبي غير شرعي على الأراضي السورية، فيما أكد نائب مندوب روسيا فلاديمير سافرونكوف خلال الجلسة وجود تقارير تشير إلى تحضير إرهابيي تنظيم جبهة النصرة وما يسمى منظمة “الخوذ البيضاء” لاستفزازات جديدة باستخدام السلاح الكيميائي في إدلب، وأوضح أن الجهود مستمرة لإعادة المهجرين السوريين إلى بلادهم. في حين كشفت شبكة سي بي سي التلفزيونية الكندية عن وصول 117 من إرهابيي “الخوذ البيضاء” الإرهابية وأفراد عائلاتهم إلى كندا.
وفي التفاصيل، قال الجعفري خلال الجلسة: إن سورية تستهجن إصرار بعض وفود الدول الغربية دائمة العضوية في المجلس على الخلط المتعمد بين ما هو إنساني وما هو سياسي, إذ ما زالت هذه الوفود تضع العراقيل أمام العمل الإنساني النزيه والشفاف وغير المسيس، وتتبجح علناً أمام الجميع بأنه لا عمل إنسانياً في سورية دون إشباع الأجندات السياسية التدخلية لهذه الدول، مبيناً أن مندوبي هذه الدول استمروا بتقديم جملة شروط سياسية مسبقة تحاول تفريغ العمل الإنساني من محتواه، وتوجيهه صوب التوظيف السياسي لمعاناة الشعب السوري.
وأشار الجعفري إلى أن جلسة مجلس الأمن اليوم تزامنت مع عدوان طيران ما يسمى “التحالف الدولي” غير الشرعي على مدينة هجين بريف دير الزور الشرقي باستخدام الفوسفور الأبيض المحرم دولياً ما أدى إلى قتل عائلة بكاملها، لافتاً إلى أن جلسة المجلس قبل ثلاثة أيام تزامنت أيضاً مع عدوان إجرامي إرهابي قامت به التنظيمات الإرهابية في إدلب على مدينة حلب وقصفتها بـ 40 صاروخاً ما أسفر عن استشهاد وإصابة عشرات المدنيين، كما تزامنت الجلسة التي عقدت في السابع عشر من الشهر الجاري مع إقدام طيران “التحالف” غير الشرعي على قصف بلدتي السوسة والبوبدران في دير الزور، ونجم عن ذلك استشهاد وإصابة عشرات المدنيين، وكل ذلك لا تراه حكومات الدول التي تحدثت اليوم عن الوضع الإنساني في سورية، وللأسف أيضاً لم يره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”. وبيّن الجعفري أنه تم التأكيد خلال اللقاءات المتعددة التي عقدت مؤخراً بين وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية والمسؤولين السوريين على ضرورة تنسيق العمل المشترك بين الجانبين من أجل تحقيق المزيد من التفاهم بين الطرفين وإزالة ما أمكن من العقبات لتطوير دور الأمم المتحدة في المجال الإنساني وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 46/182 الناظم لعمل “أوتشا”، وذلك على الرغم من الصعوبات بسبب تراجع تمويل أنشطة الأمم المتحدة في سورية والإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تفرضها حكومات الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها على الشعب السوري، مضيفاً: يتباكون كما سمعنا اليوم على أن هناك عشرة ملايين سوري يحتاجون المساعدة الإنسانية، لكنهم في الوقت نفسه يفرضون إجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب على 23 مليون سوري.
وشدد على أن الحكومة السورية تؤمن بالدور المهم الذي أناطته الدول الأعضاء للأمم المتحدة وهي لا تزال تعول على هذا الدور لمساعدة السوريين الذين تأثروا جراء الحرب الإرهابية شريطة أن يحترم هذا الدور سيادة واستقلال وسلامة الأراضي السورية، ويكون حيادياً ومستقلاً وغير مسيس، ولا يخضع لابتزاز بعض الدول المؤثرة، ويحافظ على مصداقية المنظمة الدولية وفعاليتها، ويرتكز على احترام أحكام الميثاق وقرارات الأمم المتحدة.
وطالب الجعفري بإجراء نقاش شفاف وموضوعي ومهني حول تعديل آلية تقديم التقارير الخاصة بما يسمى الوضع الإنساني في سورية ومضمونها بحيث يكون الهدف من هذه التقارير السعي لمساعدة السوريين المحتاجين وألا تكون وسيلة لاستغلالها من البعض لممارسة الضغط السياسي والابتزاز، وأكد أنه بعد إدراك القاصي والداني أن هناك حرباً إرهابية قذرة تستهدف سورية على مدى السنوات السبع الماضية، وأن مصدر المعلومات الكاذبة التي تستهدف الحكومة السورية هو المجموعات الإرهابية، وبعد اعتراف كبار مسؤولي الدول بانخراط حكوماتهم في تمويل ورعاية الجماعات الإرهابية التي كانت ومازالت تتخذ من المدنيين دروعاً بشرية، وتتخذ من المشافي والمدارس مقار لها لاستهداف المدنيين في عملياتها الإرهابية، فمن المستهجن أن يستمر معدو التقرير في نهجهم السلبي المسيس ضد سورية ومؤسساتها ولا سيما من حيث استمرارهم في السقوط في الأخطاء ذاتها التي تعد خروجاً كبيراً عن ولايتهم واستمرار تجاهلهم المتعمد للملاحظات والمشاغل التي عبّرت عنها سورية خلال التقارير السابقة ذات الصلة للأمانة العامة.
وبيّن الجعفري أن سورية قدمت 56 رداً رسمياً على تقارير الأوتشا، ووضعت فيها إجابات واضحة عن كل التساؤلات، لكن هذه الملاحظات لم يتم نقلها في تقارير الأوتشا أبداً بينما تصل إليهم تقارير شهود عيان و”خوذ بيضاء” وغيرهم، لكن لا تصل إليهم ملاحظات الحكومة السورية.
وحول إيصال المساعدات إلى مخيم الركبان أكد الجعفري أن الحكومة السورية أعطت موافقتها لوكالات الأمم المتحدة على تسيير قافلة مساعدات إنسانية إلى المخيم بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر بشكل مباشر من داخل الجمهورية العربية السورية إلا أن فريق الأمم المتحدة وبعد توجهه الى منطقة الـ 55 كم بتاريخ الـ 26 من الشهر الجاري عاد أدراجه إلى مدينة دمشق بشكل عاجل بسبب ورود تقارير عن هجوم مرتقب لتنظيم داعش الإرهابي على القافلة من المنطقة التي تنتشر فيها القوات الأمريكية على الرغم من التعهدات التي قدمتها واشنطن للأمم المتحدة بضمان أمن القافلة، وذلك دليل واضح على أن الولايات المتحدة هي المعرقل الأساسي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى مخيم الركبان، والمسبب الرئيس لمعاناة قاطنيه من المدنيين، مشيراً إلى أن ارهابيي داعش انطلقوا من منطقة الركبان إلى مدينة السويداء وهاجموها قبل ثلاثة أشهر، وقتلوا نحو 300 مدني، وعاد هؤلاء الإرهابيون أدراجهم من السويداء إلى منطقة التنف الركبان.
وشدد الجعفري على أنه بفضل الإنجازات التي حققها الجيش العربي السوري ضد الإرهاب، وفي ظل عمل الحكومة المستمر على إعادة تأهيل المناطق التي خربها الإرهابيون، وإعادة الحياة إلى طبيعتها باتت الظروف مهيأة لعودة المهجرين إلى وطنهم الذي غادروه بسبب الإرهاب والإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب التي استهدفتهم في أساسيات حياتهم وفي لقمة عيشهم، مبيناً أن الآلاف عادوا رغم قيام بعض الدول الغربية بعرقلة هذه العودة تحت ذرائع واهية وتسييس هذا الملف الإنساني البحت واستخدامه كورقة في تنفيذ أجنداتهم السياسية.
ولفت الجعفري إلى أن السوريين وهم يكتبون الفصل الأخير من الأزمة عازمون على التكاتف لإزالة آثار الحرب الإرهابية وإعادة إعمار بلدهم بأيديهم وبكل كوادرهم وخبراتهم سواء من بقوا داخل البلاد أو الذين اضطرهم الإرهاب لمغادرتها.
وفي رده على مندوبي بعض الدول حول إدلب قال الجعفري: إدلب مدينة سورية، ولا أحد أحرص من الحكومة السورية على حياة المدنيين فيها والذين تتخذهم المجموعات الإرهابية دروعاً بشرية، مبيناً أن سورية رحّبت باتفاق سوتشي الذي تم التوصل إليه في السابع عشر من أيلول الماضي، وهي كانت ولا تزال ترحّب بأي مبادرة لحقن دماء السوريين، كما ترحّب بأي مبادرة يمكن أن تساهم في إعادة الأمن والأمان إلى كل بقعة سورية ضربها الإرهاب.

سافرونكوف: المجموعات الإرهابية تواصل استفزازاتها
إلى ذلك قال نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف خلال الجلسة: إنه تم رصد تحركات مشبوهة لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي والخوذ البيضاء الإرهابية في إدلب وبحوزتهم مواد سامة بالتوازي مع استمرار الهجمات الإرهابية في خرق نظام وقف الأعمال القتالية وقصف المناطق السكنية، وأوضح أن الاتفاق الروسي التركي حول إدلب يجري تنفيذه بنجاح، مشيراً إلى أن الاتفاق لكونه إجراء مؤقتاً لا ينفي مهمة القضاء على الإرهاب في سورية.
ولفت سافرونكوف إلى أنه في حال واصلت المجموعات الإرهابية استفزازاتها ستحتفظ روسيا لنفسها بحق دعم عمليات الجيش السوري الرامية إلى القضاء على البؤرة الإرهابية في إدلب، وأوضح أن الجهود مستمرة لإعادة المهجرين السوريين إلى بلادهم، وقال: يجب أن نعمل لدعم هذه الجهود وألا نعيقها بحجج مسيسة أو بتوفر أوضاع غير مواتية، وهذا هدف المبادرة الروسية لعقد مؤتمر دولي حول المهجرين السوريين.

117 من إرهابيي “الخوذ البيضاء” وصلوا كندا
وفي سياق متصل، أعلنت شبكة سي بي سي التلفزيونية الكندية أن  117 من عناصر الخوذ البيضاء الإرهابية وعائلاتهم وصلوا الثلاثاء الماضي إلى مطار بيرسون في تورنتو، حيث سيجري توطينهم في أربع مقاطعات هي كولومبيا البريطانية وساسكاتشوان وأونتاريو ونوفا سكوتيا.
وأعلنت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند ووزير شؤون الهجرة واللاجئين والجنسية أحمد حسين في بيان مشترك في العشرين من الشهر الجاري أن كندا تعمل مع مجموعة أساسية من الحلفاء الدوليين على إعادة توطين مجموعة من الخوذ البيضاء وعائلاتهم، حيث أقر البيان بأن كندا دعمت عمل إرهابيي الخوذ البيضاء من خلال مساعدتهم على التوسع وتدريب المزيد من المتطوعين وأن لديها التزاماً لمساعدة هؤلاء الأفراد وعائلاتهم.