صوامع بلا أقماح هل هذا ممكن..؟
حماة – محمد فرحة
قد تكون الأسباب الجوهرية لتراجع إنتاجنا من القمح طيلة سنوات الأزمة هي خروج المساحات التي كانت تشكل بيضة القبان في الإنتاج السوري من الأقماح كمحافظة الحسكة وسهل الغاب وريفه الشمالي، وغيرهما من المحافظات الزراعية الكبيرة، لكن في ذات الوقت في أسوأ الأحوال كان يجب ألا يقل إنتاجنا من المادة عن النصف مليون طن، فها هي منظمة الفاو تقول قبل أسابيع من الآن: إن الإنتاج السوري من القمح هو الأقل منذ ثلاثين عاماً، وهذا مؤشر خطير لجهة تراجع الإنتاج وقلة المشتغلين في الزراعة.
فها هو وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبد الله الغربي يقول لسبونتيك الروسية قبل أيام بأننا نستورد مليون و800 ألف طن من القمح من روسيا سنوياً، حيث نستجر شهرياً 150 ألف طن، وزاد على ذلك بأن الجانب السوري بصدد بناء 70 صومعة جديدة بالتعاون مع روسيا بطاقة تخزينية لكل منها قدره 20 ألف طن “انتهى الاقتباس”؟.
لكن السؤال المهم الذي يقفز إلى الواجهة الآن هو: لماذا تراجع إنتاجنا من القمح بهذا الشكل الكبير ليأتي الجواب: هو غياب السياسة الزراعية الحكيمة وعدم تحفيز المزارعين اللهم سوى بالخطابات والتصريحات الإعلامية، واسألوا الفلاحين فعندهم الخبر اليقين، فمن يشاهد معاناتهم وتكاليف الإنتاج يدرك جيداً معاناة هؤلاء المنتجين، فليس من المعقول تخصيص خمسة لترات من المازوت شهرياً للدونم الواحد من البطاطا، مثلاً و7 للدونم الواحد من القمح وعينك ترى المشادات والطوابير للحصول على هذه الكمية المضحكة.
رئيس الرابطة الفلاحية في منطقة الغاب حافظ سالم قال: إذا ما أردنا العودة للإنتاج الكافي من القمح، علينا أن نقدم كل مستلزمات المحصول وذلك بدءاً من البذار مروراً بالأسمدة بالدين الآجل لحين تسويق الإنتاج للمصارف الزراعية، إضافة إلى توفير المحروقات بعيداً عن إشكالياته وآلية توزيعه المقززة والمضحكة. متسائلاً: كيف نسارع إلى بناء الصوامع بعددها السبعين وبطاقة كل منها 20 ألف طن وإنتاجنا من القمح لا يعبئ عشرة منها بالعام إذا ما بقينا على هذا المنوال، وكأننا نريد تحضير السرج للفرس قبل شرائه، مع الإشارة إلى أننا لم نشكُ منذ ما قبل الأزمة من صعوبة تخزين الحبوب المنتجة والتي كانت تصل إلى الخمسة ملايين، وفي أسوأ الأحوال إلى المليونين ونصف المليون، وهي الحاجة الفعلية السنوية لإنتاج الرغيف السوري.
باختصار: إنها دعوة من أجل تحفيز المنتجين الزراعيين فعلاً لا قولاً فإذا كانت البداية رفع سعر طن شراء بذار القمح بـ 180 ألف ليرة قبل شهرين من الآن في الوقت نجزم ليس هناك عشرات المزارعين استلموا قيمة أقماحهم التي سلموها لمؤسسة الحبوب بـ170 ليرة، ومع ذلك المطلوب العودة إلى محصول القمح، خاصة أن مساحات كبيرة قد عادت وتعود تباعاً لسيطرة الدولة ويمكن زراعتها بسهولة، فهل نشهد هذا العام عودة محصول القمح بقوة ليملأ صوامعنا بانتظار الهطولات المطرية الوافرة ورحيل موجة الجفاف والتغيرات المناخية.