منظمات الميدان
لم يأت التعويل على استنهاض جهود الاتحادات والنقابات المهنية والمنظمات الشعبية ليكونوا شركاء حقيقيين في وضع الرؤية التنموية الشاملة، والمساهمة في إعادة إعمار وبناء سورية الجديدة من فراغ، فما تستطيعه هذه الجهات كفيل بالوصول إلى معظم الشرائح الاجتماعية وتسجيل تعاون شامل وبناء، ومن هنا كان توجيه الحكومة بتكثيف لقاءات الوزراء مع القائمين على المؤسسات والمديريات التابعة والقيام بجولات ولقاء الفعاليات والمنظمات والنقابات المرتبطة بعمل وزاراتهم من أجل تكوين فكرة مستقبلية أكثر شمولية وبعيدة عن العمل الروتيني النمطي لوزاراتهم.
ولأن ثمة حاضنة استراتيجية تعطي التنظيمات قوة ومسؤوليات وتفويضات نابعة من صلب الدور والمهام الملقاة على عاتقها، كان لابد من النزول إلى الميدان والاطلاع وتكثيف اللقاءات مع الأوساط الاجتماعية والفعاليات الأهلية والاقتصادية “بمعية” قيادات فروع الحزب، حيث تقضي الضرورة الاستمرار بالتنسيق بين القيادات الحزبية وجميع الفعاليات القائمة.
وفي مطابخ حوارية من هذا النوع تأتي نقاشات الرؤى والاستراتيجيات اللازمة لإحداث تنمية حقيقية في المحافظات، ولاسيما الخارجة من رحى الحرب، وبالتالي إشراك أكبر شريحة ممكنة في مناقشة كافة القضايا التي تخص المحافظات واتخاذ القرار المناسب وعدم التفرد بالقرار وتطبيق مبدأ لا مركزية الخطة وتكريس مبدأ الإدارة المحلية.
وإذا أخذنا تجربة حلب من هذا المنظور فقد جاءت قرارات جلسة مجلس الوزراء تنسجم مع هذه التطلعات التي تطال وتتناول جميع القطاعات التي من شأنها تلبية تطلعات الأهالي في رؤية مدنية عصرية تليق بهم وبتضحياتهم، والأهم هنا معالجة المخطط التنظيمي ورصد كل ما يتطلبه ذلك لأنه المفتاح الأساسي للتنمية الشاملة، وهو المنطلق الأساسي للتخطيط الناجح الذي يحقق متطلبات التنمية الشاملة الاقتصادية – السياحية – الخدمية – الاجتماعية، في وقت تم وضع وإقرار مجموعة من المشاريع المطلوب تنفيذها على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
بالعموم لا يمكن القيام بأي دور دون تحقيق للتشاركية والتنسيق الذي لا يقصي أحداً أفراداً كانوا أم مؤسسات “أهلية وحكومية” بالتوازي مع إشراك المنظمات والهيئات الدولية والأممية لنصل إلى إنجاز يستهدف أهم القضايا في المرحلة الراهنة بالنسبة للمناطق المحررة، وتتمثل بقضايا الأمن والمصالحات وترحيل الأنقاض وإزالة آثار الدمار والخدمات الداخلية “طرق- سكك” وربطها مع المخططات التنظيمية وتوفير احتياجات الأمن الغذائي “الصوامع والمطاحن– المداجن- وإطلاق النشاط الزراعي ودعمه”.
ويبرز هنا النشاط الصناعي والتجاري عبر خطط لتشغيل الصناعة في القطاعين العام والخاص وتحريك سوق العمل ودعم المشروعات الصغيرة وتقديم القروض، ولتكون الخدمات الاجتماعية من “التربية– التعليم العالي- الصحة- الحماية والرعاية الاجتماعية”، ومعها الخدمات التشغيلية الحكومية من “المياه- الكهرباء- الصرف الصحي- اتصالات” على قدم وساق.. كل ذلك لا يتجسد من دون شراكة كل الأفرقاء والمساهمين في بناء الإنسان والبنيان.
علي بلال قاسم