هل الأمراء السعوديون أصدقاء حقيقيون؟
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع: انفورميشن كليرنك هاوس 23/11/2018
كان بيان الرئيس دونالد ترامب حول دور الأسرة المالكة في ارتكاب الجريمة المروعة لصحفي الواشنطن بوست جمال خاشقجي، وثيقة واضحة لصراحته الوقحة والمعهودة، بل أكثر من ذلك أعاد الرئيس إثارة مسألة أرقت الأمة منذ عهد جيمي كارتر، وهي إلى أية درجة ينبغي أن نسمح للقيم المثالية بالتغلب على المصالح الحيوية في تحديد السياسة الخارجية؟.
لم يستبعد ترامب ولي العهد باعتباره المشتبه الرئيسي الذي أمر بقتل خاشقجي، ومع ذلك، سواء فعل ذلك أم لم يفعل، فقد وافق السعوديون على إنفاق واستثمار 450 مليار دولار في الولايات المتحدة، وسيتم إنفاق 110 مليارات دولار على شراء معدات عسكرية من بوينغ ولوكهيد مارتن ورايثيون، والعديد من كبار مقاولي الدفاع الأمريكيين، ولهذا يحذر ترامب من إلغاء هذه العقود “بحماقة”، لأن روسيا أو الصين سوف تقتنصان الفرصة.
ومن خلال هذه المواقف، يضع ترامب بشكل سافر ودون خجل مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية والاستراتيجية في المقام الأول، وهو لن يدمر العلاقة مع الرياض والأسرة المالكة لمجرد أمر “الملك المستقبلي” بقتل صحفي سعودي مقيم في الولايات المتحدة، هذه الطريقة الصارمة التي أطر من خلالها ترامب المسألة ستجبر أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين على تقرير ما إذا كانوا يرغبون في تحدي ترامب، وفرض عقوبات على السعودية، والمجازفة بالعلاقة.
كما تشير بعض المحتويات الأخرى في بيان ترامب إلى أن أحد الأسباب التي تجعله يتغاضى عن مقتل خاشقجي هو أنه يرى في محمد بن سلمان حليفاً لا غنى عنه ضد العدو “المحتمل” في المنطقة.
في الحقيقة، لم يكن ترامب بعد سطوره الاستهلالية واثقاً من قوله: “إن دولة إيران.. هي المسؤولة عن حرب دموية بالوكالة ضد المملكة العربية السعودية في اليمن”، لكن هل هذا صحيح؟.
في عام 2015، بأمر من محمد بن سلمان وزير الدفاع آنذاك، تدخلت السعودية في اليمن، بعد أن أطاح اليمنيون في الشمال بدمية سعودية، واجتاحوا مساحات كبيرة من البلاد.
ليست إيران، ولكن المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة المزودة بالذخائر الأمريكية، والدعم اللوجستي، هي المسؤولة عن مقتل الآلاف في اليمن، ومعاناة الملايين من الكوليرا، وسوء التغذية، والمجاعة، ليس الإيرانيون هم الذين يحاولون إغلاق آخر نقطة دخول للمساعدات الإنسانية للسكان المدنيين الذين يعانون من العوز.
لم تكن إيران سبب مقتل 7000 عسكري أمريكي في الشرق الأوسط في هذا القرن، و 60 ألف جريح، بل هي الحروب في أفغانستان والعراق التي أطلقتها الولايات المتحدة وجورج بوش، أما بالنسبة للضحايا المدنيين من الأمريكيين فإن الـ 3000 أمريكي الذين فقدوا في الحادي عشر من أيلول كانوا ضحايا لـ 15 إرهابياً سعودياً، ولم يكونوا إيرانيين.
صحيح أن ترامب أشار في بيانه: “إن الهدف الأسمى هو القضاء التام على تهديد الإرهاب في جميع أنحاء العالم”، إلا أن هذا الهدف يظل طوباوياً تماماً مثل خطاب تنصيب جورج بوش الثاني حين أعلن أن “الهدف النهائي” للسياسة الخارجية الأمريكية هو “إنهاء الاستبداد في عالمنا”.
لقد عنون ترامب بيانه وختمه بعبارة “أمريكا أولاً”، ولولا هذه السياسة لما تم الارتباط اليوم بهذه الحروب في الشرق الأوسط إلى الأبد، ولا تم خلق ديمقراطية على النمط الغربي في براري أفغانستان، ولم يتم غزو العراق، أو مهاجمة ليبيا، أو إشعال حرب أودت بحياة نصف مليون سوري، وتسببت بلجوء الملايين!.