هل طبقت مديريات التربية شروط الفئة “ب” في المدارس؟ مراقبون يصفون الجولات بالاستعراضية والتربية تكشف عن “مشروع الضبط السلوكي”
حرصت وزارة التربية عندما أطلقت النمط التعليمي فئة “ب” على معاملة هذه الفئة معاملة التلاميذ في التعليم النظامي وفق أحكام مواد النظام الداخلي لمرحلة التعليم الأساسي، ولاسيما أن هؤلاء التلاميذ كانوا ضحية الحرب على سورية، والذي كان أحد أهدافه الأساسية النيل من البشر قبل الحجر، فتصدّت الوزارة لهذه الآثار المترتبة بإعادة تأهيل التلاميذ الذين عانوا الانقطاع عن المدرسة والذين رسبوا بسبب الأوضاع القاهرة وحالات التأخر الدراسي، فعملت الوزارة على تعويض الفاقد التعليمي وتوفير فرص التعلّم للجميع كي تساهم بعودة أولئك التلاميذ إلى مسارهم التعليمي النظامي، فتؤمن بذلك تلاحم الجيل مع النسيج الاجتماعي السوري، إلا أن ازدياد ظاهرة العنف بين التلاميذ في المدارس والتي بدت واضحة للعيان، حيث لا يكاد يمر يوم إلا ونرى ونسمع أن تلميذاً ضرب آخر وشكاوى عديدة من أهالي الطلاب تصل إلى الإعلام ومديريات التربية والوزارة مستهجنين ما يحصل في المدارس متهمين إدارات المدارس بالتراخي وسوء التعاطي مع تلك الحالات في الوقت المناسب وغياب دور الإرشاد النفسي، في حين يدحض مديرو المدارس جميع التهم الموجه إليهم عازين أسباب العنف إلى سلوك بعض طلاب الفئة “ب” الذين يزيدون في العمر عن زملائهم وبنيتهم الجسدية القوية، إضافة إلى انقطاعهم الطويل لسنوات عن المدرسة، ما أثر على نفسيتهم مع غياب المتابعة الحثيثة من أسرهم، مؤكدين عبر منبر “البعث” أن أغلب أهالي هؤلاء التلاميذ لا يستجيبون لدعوى المدرسة ويرفضون الحضور للاطلاع على مشكلات أبنائهم وعرض حالاتهم لكي تتم معالجتها بالتشاركية مع المدرسة، خاصة أن أغلب حالات العنف بين التلاميذ يكون تلاميذ الفئة “ب” طرفاً فيها.
معاناة معلم
وتشير إحدى المدرسات إلى صعوبة ضبط صفوف تلاميذ الفئة “ب” في ظل غياب تكامل العملية التربوية وتعاون الأهل، مستغربة تجاهل أهالي بعض التلاميذ لما يسببه أبناؤهم من حالات عنف وضرب واعتداءات تصل في بعض الأحيان إلى الاعتداء على المدرسة! ولم يختلف حديث بعض المدراء والمدرسين في مدارس أخرى، حيث كان من الملفت عند متابعتنا لأي قضية تربوية أو مراجعة مدرسة لمشكلة ما إلا وبدأ ترجي المدرسين بنقل معاناتهم مع عنف بعض التلاميذ رغم تطبيق جميع تعليمات التربية بكيفية التعامل مع التلميذ وتفعيل الإرشاد النفسي الذي يعمل ما عليه في ضبط سلوك التلاميذ، لكن قسماً من الأهالي يرفض التعاون مع المدرسة لأسباب ضمن المنزل تشكل سبباً من حالات عنف أبنائهم، وذلك حسب ما يرى اختصاصيون نفسيون أن أهم أسباب المشكلة هي التربية ضمن المنزل وعدم وجود قواعد وثوابت لتربية سليمة معافاة، ولاسيما عندما تسمح الأسرة لأبنائها بمشاهدة أفلام العنف دون رقيب وقنوات فضائية استخدمت صور الإجرام الكاذبة في نقل الحدث، مؤكدين على ما أفرزته الأزمة من منعكسات على نفوس الأطفال.
ومع متابعتنا لنشاطات وندوات وجولات المعنيين في القطاع التربوي والذين يشددون ويكررون في كل لقاء على دور الاختصاصيين والمرشدين النفسيين والتوعية، ونشر ثقافة المنطق والعقل وإيجاد صيغة تقارب ومحبة بين جميع الطلبة، مع إشراك الأهل في التوعية وعقد الورشات والندوات والتركيز على دور الأسرة في التربية السليمة والشرح للأبناء عن مخاطر العنف والتصرفات اللا أخلاقية.
زيارات استعراضية
وما يستهجنه المراقبون التربويون استهتار المدرسين وغياب المراقبة للطلاب خلال الفرص والانصراف، ما يسبب ضرراً وأذى لهم في الوقت الذي تغيب أجواء الفوضى والعنف أثناء زيارات بعض المسؤولين التربويين إلى المدارس، حيث تنقل صفحات المدارس والجهات المعنية أفضل الصور وتوزيع الابتسامات مع التلاميذ، لتعود الأمور على حالها بعد نهاية الجولة وتبدأ فوضى التلاميذ وتدافعهم لبعضهم البعض، ليتساءل مراقبون ما جدوى هذه الزيارات من دون إيجاد حلول والاطلاع على الواقع الحقيقي لكي تتم معالجته، علماً أن المناهج المطورة تركز على تقنيات التعلم النشط، من عمل جماعي ومسرح تفاعلي والوسائل التعليمية الحديثة وترغيب الطفل بالمدرسة والتي تعمل عليها وزارة التربية، وذلك حسب ما أكده وزير التربية عماد العزب خلال لقائه مع منسقي المواد ورؤساء وأعضاء الوحدات العلمية على ضرورة الانتقال من التميّز والإبداع على صعيد محدود إلى التميّز والإبداع في المجال التربوي.
متطلبات المجتمع
واعتبر وزير التربية أن الخطوة الأولى لذلك تنطلق من المناهج التربوية مع أهمية تضمين المناهج التربوية مفاهيم تكرّس حب الوطن، وتعزّز الانتماء له، وتعرّف المتعلم بحقوقه وواجباته ليكون مواطناً مقدّراً لأهمية العلم. ولم يغفل وزير التربية أهمية التركيز على الموضوعات التي تعزّز متطلبات المجتمع الذي عانى خلال الفترة الماضية أزمة علم وأخلاق.
وكي نكون منصفين لم تأل وزارة التربية جهداً من خلال تحمل مسؤوليتها في حماية الطلاب من العنف في المدارس، والذي يعتبر ركيزة أساسية في التربية والتعليم مع إقامة الدورات التدريبية للمعلمين والكوادر التدريسية على بدائل العقاب، والقضاء على العنف في المدارس بالتعاون مع الأسرة التي تلعب دوراً مكملاً في العملية التربوية، حيث يؤكد الاختصاصيون على دور الأسرة ووجود التنشئة الصحيحة والمتابعة الدائمة من الأهل مع المدرسة كون العملية التربوية هي مجتمعية قبل أن تكون تربوية، إضافة إلى تنمية مواهب الطفل من خلال النوادي الرياضية والثقافية، ما ينعكس إيجابياً على نفسية الطفل وزوال الأسباب النفسية التي تؤدي إلى سلوكيات عنيفة.
مادة السلوك
وأمام ذلك ثمة اعتبار أن إيلاء مادة السلوك المدرسي أهمية لتصبح مادة أساسية ضمن المواد العلمية والأدبية يؤدي إلى ضبط سلوك التلاميذ والحد من حالات العنف، ليعزز ما ذكره الاختصاصيون المشروع الذي انتهت وزارة التربية من إعداده، حيث كشف مدير التعليم الأساسي في الوزارة وائل محمد عن نشر مشروع قواعد الضبط السلوكي وإجراءاته على الموقع الرسمي للوزارة لإبداء الرأي من قبل المتابعين للشأن التربوي، حيث حدّد الهدف الأساسي من هذا المشروع بتفعيل درجة السلوك المدرسي بما يتناسب والنظام الداخلي، ونشر ضوابط للسلوك المدرسي بين المتعلمين في مراحل التعليم كافة، مشيراً إلى أن المشروع يساهم في وضع أسس معالجة للسلوكات غير الإيجابية، فيؤدي إلى الانضباط المدرسي السليم وتنشئة جيل واع مدرك ضرورة الالتفات إلى الحالة التعليمية، ما ينتج ثماراً تعليمية إيجابية ونشر أجواء من المحبة والثقة في نفوس المتعلمين.
لجنة ضبط مدرسي
ولفت محمد إلى مراعاة البيئة الاجتماعية “البيت” والتشبيك بين المدرسة والمنزل في سبيل معالجة وتقويم السلوكيات السلبية وتعزيز السلوكيات الإيجابية، ولاسيما من خلال نقاط أساليب تعزيز السلوك الإيجابي وضوابطه وكيفية تقويم السلوك وفرص التعويض عن درجات الحسم مع تشكيل لجنة الضبط المدرسي ومهامها وآلية عملها، إضافة إلى تشكيل لجنة الضبط في المجمع التربوي ومهامها وآلية العمل وتصنيف درجات المخالفات السلوكية والإجراءات الواجب اتخاذها والتدخلات التربوية تجاه أي مخالفة.
وفي عودتنا لقراءة مضمون المنهاج “ب” والذي وضعته وزارة التربية بما يتناسب مع المستوى العقلي والعمري لكل مستوى من مستويات هذه الفئة، حيث يستند ويتناسق مع المنهاج التربوي الأساسي، مراعية من خلاله جميع المهارات الأساسية التي يجب على التلاميذ إتقانها معتمدة بذلك على أساليب تعليمية خاصة، يتبع من خلالها المعلمون طرائق تدريس حديثة تساهم في تقبّل التعلّم عن طريق الأنشطة، وقد وضعت الوزارة شروطاً لاختيار المعلمين الذين سيتعاملون مع هذا النوع من التعليم والذين سينفّذون هذا البرنامج، بامتلاكهم قدرات جيدة للتعامل مع هذه الفئة، وتمّ تدريبهم على المنهاج المكثّف وطرائق التعلم الحديثة كالتعلم التعاوني والتعلم السريع، إضافة إلى خضوعهم لدورات الدعم النفسي، كما تم توجيه مديريات التربية إلى عدم تكليف معلمين وكلاء على هذه الصفوف.
وقوف وتساؤل
لنقف ونختم القول من آخر الشروط، متسائلين هل طبقت مديريات التربية شرط اختيار المعلم وعدم تكليف وكلاء؟ لنحمل السؤال الأهم أليس من الأفضل فصل تلاميذ الفئة “ب” في مجمعات ومدارس خاصة بهم ريثما يصل مستواهم إلى مستوى التلاميذ النظاميين؟.
والجدير ذكره أن تلاميذ الفئة /ب/: هم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (8– 15) سنة ولم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسة (ما زالوا أميين) أو المتسربون أو المنقطعون لأكثر من سنة وليس لديهم تحصيل علمي والذين يعودون إلى المدرسة بعد التسرب بمن فيهم الأطفال الذين خضعوا لبرامج تأهيلية في المراكز التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية المحالون إلى مديريات التربية، حيث يقبلون في شعب خاصة ملحقة بمدارس مرحلة التعليم الأساسي وفق سويتهم التعليمية ويطبق عليهم منهاج وخطة درسية يوضعان من قبل الوزارة لهذا الغرض ويجتازون الصفوف من (1– 8) وفق الخطة والمنهاج الموضوعين بأربع سنوات، علماً أن عدد التلاميذ المستفيدين من منهاج الفئة /ب/ للعام الفائت بلغ 124 ألف تلميذ وتلميذة.
علي حسون