الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

ألفرد دي موسيه.. ذكرى الحب أهم منه

 

بدّلت هجرته لدراسة الطب عالمه كليا، فقد كان منذ صباه، مولعاً بتحويل القصص الرومانسية التي كان يقرأها إلى مسرحيات مصغرة،”ألفرد دي موسيه” الذي يصادف اليوم ذكرى مولده، كان خاضعا لسلطان الأدب منذ يفاعته، وفي كل شيء حوله، كان قادرا على إيجاد المعادل اللفظي لكل ما يعتريه من مشاعر جياشة وحدث أن كبر الفتى الذي شب في بيت برجوازي تقام فيه السهرات والأماسي ذات الطبيعة الثقافية عموما والموسيقية بشكل خاص، ليلتقي “فيكتور هوغو”-1802-1885-المعلم الذي نافسه “موسيه” على المكانة الشعرية في ذلك الزمان، حيث أن “هوغو” كان شاعرا قبل أن يكون روائيا، بعد أن عرَفه أحدهم عليه، وعلى والحلقة الرومنطيقية الملتفة حوله، والتي لم يعجبها أن يكون ندا حقيقيا في الشعر لمعلمها ورائدها، فصبت جام غضبها عليه، ليهجرها ذاهبا نحو مساحات شعرية أخرى وأصبح له عالمه الشعري المنتمي إليه، لا إلى تيار بعينه.
نشر مجموعته الشعرية الأولى “حكايات إسبانية إيطالية”، وعندما دخل عامه العشرين، كانت شهرته الأدبية طاغية ويدعمها الجانب المتأنق والجذاب في شخصيته، لكنه لم يدر بخلده لحظة، أن تكون القصائد التي كتبها متيما ب “جورج صاند”-1804-1878-ربما هي من قتله، فالروائية الفرنسية الشهيرة، التي بادلته المشاعر المتفجرة، وعرّفته على عالم الحب لأول مرة، ستخونه مع رجل آخر، ما ترك جرحا عميقا في داخله، عدا عن أنه كان فترتها في المشفى لمرض أصابه، وما ذاك الرجل الذي خانته معه “صاند” إلا الطبيب الشاب الذي كان يعالجه!
كان شاعرنا ينتظرها كل يوم صباحا، بعد أن يكون قضى ليلته في البكاء وكتابة أجمل ما كتب من القصائد الرومانسية، والتي سماها “ليالي موسيه” لأنه كتبها أثناء سهره لتلك الليالي، التي كان جسمه وروحه تذويان خلالها، ورغم حالته المزرية، إلا أنه أطلق فلسفته الشعرية التي ترى أنه ربما كانت الذكرى السعيدة على الأرض أكثر جمالاً من السعادة ذاتها. تتالت أعماله الأدبية والتي جاءت سمتها عموما رومانسية، وصار الفتى الخجول، والهارب من المشرحة، من أهم شعراء عصره، وعصور تلتها، حتى عندما كانت سكين الحب مغروسة في ظهره حتى المقبض.
إعداد: تمّام علي بركات