الممرضون يستعجلون الإسعاف من وجع الإهمال حوافز المهن الطبية تحتاج إلى إنعاش فوري.. الصحة راضية والمالية مشغولة والنقابة “تنقّب” عن حل
دمشق – ريم ربيع
قد يكون العمل الطبي خير نموذج على تكامل المهام وتشابكها بين مختلف الشرائح، هنا حيث يتحد “المريول الأبيض” وتختلف المهام لا يمكن لأحد أن ينكر عمل الآخر وأهميته، ومن لا يؤمن بتكامل العمل الطبي فليسأل الطبيب عن تشخيصه بلا مخبر! وليحضر أحدث الأجهزة الطبية بلا فني خبير! وليفتتح مستشفى بلا ممرضين!.. فإذاً لماذا التفاوت الكبير في التصنيف والتعامل مع الفئات المختلفة؟ وعلى أي أساس تحتسب الحوافز والتعويضات لفئة دون الأخرى إن كان لكل منها دور محوري يصعب إغفاله.؟
حنان_ وهي ممرضة في إحدى مشافي دمشق_ علقت بسخرية على التعويضات الممنوحة لهم قائلة: “إذا طعميت شبع، وإذا ضربت وجع”، فنسبة التعويضات المحددة توحي أن أصحاب القرار يطبقون الجزء الثاني فقط من المثل باعتبار المقارنة بين تعويضات الشريحة الثانية متواضعة ومخجلة أمام تلك المحددة للشريحة الأولى، عدا عن تخصيص الأطباء بحوافز بنسبة ٦٥% من إيرادات المشافي، فيما لا تتجاوز حصة بقية العناصر من تمريض وأشعة ومخبر وفني صيدلي وإداريين ومستخدمين ٣٥%، فهل يقتصر العمل الطبي على الشريحة الأولى فقط أم أن نظام الحوافز يرى كل ما تبقى (وهم يفوقون عدد الأطباء بعشرات الأضعاف) مجرد توابع؟وهل يعلم القائمون على هذا التمييز أن قسماً كبيراً من الممرضين اختار السفر أو التقاعد المبكر على خلفية ظلمهم واتباع سياسة التطفيش.؟!
الممرضون وأفراد الشريحة الثانية وفي شكواهم لـ”للبعث”تساءلوا عن حصة التمريض المداوم على مدار الساعة ويحمل العبء الأكبر في العمل؟ ولماذا يستثنون من قرارات الزيادة، بينما يمنح أطباء التخدير100 ألف ليرة شهرياً، والطوارئ 50 ألفاً، وفنيو التخدير 25 ألفاً، ويمنح المعالجون ٧٥% من الراتب المقطوع شهرياً..؟
منصفة..!
رئيسة شؤون العاملين في وزارة الصحة لبنى السمرة رأت أن نسب الحوافز ليست جائرة في ظل وجود تعويضات تغطي عنها، وأسهبت في استعراض تفاصيل التعميم الصادر في6/6/2005 المحدد لتعويضات طبيعة العمل للعاملين في مشافي الدولة ومستوصفاتها ومراكزها الصحية ومخابرها بنسب تراوح بين 5% لعناصر التمريض والمساعدين الفنيين والمستخدمين العاملين في غرف العمليات والتعقيم والعناية المشددة، والعاملين في الأشعة ومخابر الإيدز والمخابر الحاوية مواد مشعة، و 4.5% للعاملين في مشافي الأمراض السارية ومراكز مكافحة السل ومراكز الجلدية و 3% للعاملين في المخابر وغيرها. وفي حين كان لتلك الفئات المستهدفة رأي آخر لجهة تواضع نسب التعويضات وعدم إنصافها، مطالبين بإعادة النظر بها ليعطى كل ذي حق حقه، تعود السمرة لتضيف أن التعميم الأخير في 10/10/2018 حدد أيضاً الحوافز بشكل تفصيلي بمنح 35% من الإيرادات الفعلية للشريحة الثانية، و55% لكل عمل طبي تكون الخدمة الطبية أساسه، موضحةً أن سبب الفرق في النسب يعود لتفاوت الخبرة وطبيعة العمل وسنوات الدراسة بين الطبيب والممرض.
وأشارت السمرة إلى أن الممرضين غير ملتزمين بدوام يومي، وبعضهم يعمل ثلاثة أيام في الأسبوع فقط ما يخفف عنهم أعباء كثيرة، إلى جانب توضيحها أنه في حال توجه الممرضون إلى الأعمال الشاقة والخطرة، فيجب أن يعلموا أن ترخيصهم يلغى ولا يمكن لهم ممارسة المهنة في أي قطاع آخر بعدها.
لا تعليق..
في السياق ذاته نال وزير المالية “طراطيش” من غضب أصحاب الشكوى عندما استنكروا رفضه لمقترحات زيادة طبيعة عمل الممرضين دون غيرهم، في حين ازدادت رواتب العديد من الفئات “الأولى” إلى الضعف، ولدى محاولات “البعث” الكثيرة للسؤال عن سبب رفضه والمعوقات التي تحول دون الزيادة، وجدنا أن الوزارة كانت مشغولة جداً طيلة الأسابيع الماضية لنحصل منها على أي إجابة، فبين المؤتمرات والاجتماعات ومناقشات الموازنة لم يجد أحد الوقت لـ”مسايرتنا” بنتيجة واحدة، ولعلنا نجد في هذا التجاهل الجواب الكافي والوافي بعد أن أفلس بيت المال من المبررات المتكررة ذاتها.!
تشابكات
وبعد أن وجدنا أن أصحاب القرار لا حول لهم ولا “نية” لم يتبقَّ سوى ما يفترض أن تكون الأقرب إلى هموم أفراد الشريحة الثانية كنقابة للمهن الطبية والتمريض، لعلها تستيقظ من السبات الممتد منذ مرسوم إحداثها في 2012، وتبدأ بأخذ دورها الحقيقي في العمل لحفظ حقوق منتسبيها الذين اشتكوا غياب الدعم النقابي لمطالبهم، وهنا كان لأمين سر النقابة هشام شهلة تبرير لعدم إصدار النظام الداخلي حتى الآن بسبب وجود عراقيل كثيرة في تأسيس فكر النقابة وأنظمتها، فضلاً عن التشابكات مع نقابة المعلمين واتحاد العمال ووزارة الصحة، كما لفت إلى التأني في دراسة أنظمة النقابة بحيث تؤدي كافة واجباتها بأعلى كفاءة، في وقتٍ تحاول فيه تعزيز دورها عبر المشاركة في الفعاليات ولجان وزارة الصحة.
شهلة وفي سياق حديثه أكد ضرورة فهم مختلف الجهات لأساس العمل الصحي المتكامل لتنال جميع الطواقم حقوقها، وتلزم الجهات المعنية بزيادة الرواتب، مشيراً إلى المساعي الكثيرة المبذولة لرفع المستوى العلمي والاقتصادي والاجتماعي للمنتسبين عبر صناديق الاستثمار والمساعدة، كما طالبت النقابة عدة مرات بمساواة التمريض وغيرها من مهن الشريحة الثانية بالمعالجة الفيزيائية والتخدير، غير أن عراقيل كثيرة حالت دون ذلك لعل أبرزها برأيه يصب في وزارة المالية.