أطفال سورية يغنون.. لتحمونا في مآقيكم
يستحق الطفل السوري بعد كل ما عاشه طيلة سنوات الحرب السبع الماضية أن تقدم له الأغاني الجميلة والمفرحة التي تعبر عن ما يجب أن يكون عليه من سعادة وأمل بالمستقبل كنظرائه من أطفال العالم، ولكن هذا التوجه يبدو غائبا عن كل المعنيين بشأن الطفولة في بلادنا، وإن وجدت مثل هذه الأغاني فهي إما بمبادرات فردية من فنانين مشهورين أرادوا أن يكحلوا مشوارهم الفني بمثل هذه الأغاني، أو عن طريق قنوات عربية خاصة غايتها الربح المادي قبل أي شيء.
منذ أيام تداول الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي فيديو أغنية “يا أطفال العالم” المعروفة من كلمات الشاعر الراحل عيسى أيوب وألحان الموسيقار الراحل سهيل عرفة والتي غنتها هالة الصباغ قبل عشرين عاما في مهرجان ميلانو الدولي لاغاني الطفولة بايطاليا ونالت عليها حينها الجائزة الأولى، أما الفيديو الذي تم تداوله مؤخرا فكان من غناء الطفلة السورية جيستيليا حلاق لذات الأغنية وبذات المهرجان، حيث نالت إعجاب كل من سمعها من سوريين وايطاليين، وكأن صرخة أطفال سورية والعرب ما تزال هي ذاتها عبر الزمن لكل العالم بأن يغنوا للسلام والفرح.
لا شك أن هذه الأغنية لها في نفوس السوريين مساحة خاصة من المحبة والتعلق، ويسعدهم دوما سماعها وأن تكون صوت طفولتنا للعالم، ولكن أيعقل أن إبداعات السوريين توقفت عند هذه الأغنية ولم يعد هناك من كلمات والحان قادرة على صياغة أغان جديدة يحبها أطفالنا ويرددوها، أيعقل بعد كل ما عاشه الطفل السوري من معاناة أن لا يجد في بلده أغنية تمثله.
كثيرة هي الجهات المعنية بشأن الطفولة لدينا من وزارات وهيئات ومؤسسات ومنظمات ولن نسميها لكثرتها، ولكن في حسابات العدد والناتج نجد أن ما تقدمه هذه الجهات مجتمعة لا يرتقي لأدنى حدود الطموح والحاجة بما يتعلق بأغنية الطفل، وأغلب هذه الجهات يبحث عن فعاليات آنية تجذب الأضواء الإعلامية لتوهم الجميع بأنها تعمل وتقوم بما ألقي على عاتقها من مسؤولية وطنية ومعرفية وثقافية، إلا أن كل ما تقدمه هذه الجهات لا يعفيها بأي حال من الأحوال من المسؤولية تجاه جيل بات من الواضح أنه لن يغفر أو يسامح لكل من قصر في حقه في التربية والتعليم والثقافة، وكأننا مازلنا نسمع كلمات الأغنية تتردد على مسامعنا دون أن يعي غالبيتنا معاني هذه الكلمات وهي التي تقول: لننادي من هم أكبر منا.. مستقبلنا في أيديكم.. أن لا يغفل أحد عنا.. ولتحمونا في مآقيكم.. حتى ننمو غصناً أخضر.. حبة قمح تصبح بيدراً.. ومعارفنا تصبح أكبر.. يا أطفال العالم.
لعل هذه الأغنية أخذت ما أخذت من شهرة لكونها قدمت باللغة الايطالية إلى جانب العربية، ولعل الجميع ظن أنها تخاطب الخارج فقط، وهنا ننصح الجهات المعنية بالطفولة لدينا أن تعيد سماع هذه الأغنية مرات أخرى، ولكن مترجمة من الايطالية علها تعي ما تحتويها من معان، فكل ما نقدمه اليوم لأطفالنا سيعود إلينا غدا، فهل نحن مستعدون لاستقبال نتائج تقصيرنا؟.
محمد سمير طحان