صحيفة البعثمحليات

زُرع في سورية..!

لعلّ تشديد رئيس الحكومة خلال مشاركته في أعمال مجلس الاتحاد العام للفلاحين على ضرورة ( توصيف العقبات التي يتعرّض لها الفلاحون بالشّكل الصّحيح، واقتراح الحلول المناسبة لها، ولاسيّما تأمين جميع مستلزمات عودتهم إلى أراضيهم وإعادة إقلاع زراعاتهم؛ ليكونوا ذراعاً حقيقية لعمليّة التّنمية)؛ يستبطن اتّهاماً للنّسق الزّراعيّ والفلاحيّ الأوّل بالتّقصير في المبادرة..! ما يستولد الأسئلة: هل ثمّة اختراع للدّولاب في صياغة (مبادرات) ترتكز على إدراك لا لبس فيه بأنّ القطاع الزّراعي يُشكّل قطباً رئيسياً في عمليّة التّنمية.؟ ما يُرتّب إدراج المبادرة كأولويّة في عمل وزارةٍ معنيّة بقطاعٍ له ما له من دور حيويّ في تحقيق الأمن الغذائي، والنّهوض بالاقتصاد الوطني نظراً للإمكانات المُهمّة التي تمتلكها بلادنا في هذا المضمار؟
استراتيجيةٌ تسلّم بأنّ أهم مرتكزات السّيادة الغذائية هي جعل احتياجاتنا من الغذاء في مركز السّياسات وصلبها، وأنّ الغذاء أعمقُ من أن يكون سلعة فقط، فضلاً عن ضرورة كونه قادراً على تحقيق التّنمية المطلوبة ضمن معطيات دعمٍ صحيحة ومتوازنة، تُمكّن من التّطلع إلى مستقبل أفضل تمتلك فيه البلاد قطاعاً واسعاً يعمل بكفاءة عالية، ويسهم في تحقيق الأمن الغذائي، ويرفع من مستوى معيشة العاملين فيه، ويكون في الوقت ذاته محرّكاً للقطاعات الاقتصادية الأخرى من إنتاجٍ وتصدير..!
أمّا ذاكرتنا غير المثقوبة؛ فتُسعفنا ههنا بأنّ ثمّة مُسوّدة استراتيجية وطنيّة لتطوير القطاع الزّراعي، قدّمها وزير الزّراعة للجنة السّياسات الاقتصاديّة تتضمّن المطلوب من الحكومة على الصّعيد الآني والمستقبلي، وبما يُمكّن من تحسين واقع هذا القطاع بمدخلاته كافة، ويُقدّم رؤية وصفها آنذاك (بالمتكاملة) في ضوء احتياجات النّهوض به..!
في حين لا زلنا نعقد الاجتماع تلو الآخر؛ والمؤتمرات والنّدوات وورشات العمل؛ لاجترار المواضيع ذاتها، كمناقشة قضايا ومسائل لا مجاهيل فيها، على غرار: فائض الحمضيّات وآليات تصريفه، وتضميد جراح موسم الزّيتون من ذبابته، وسبل استقطاب محصول التّفاح، وترشيد استيراد البطاطا، ودعم صناعة الأعلاف، وتأمين الاحتياجات المائيّة وفق أساليب الرّي الحديث، والاهتمام بالثّروة الحيوانية، واستئناف عمليات ترقيمها، وكذا البحث في آليات تأمين المازوت للمزارعين وللمربّين، وكم انتهت اجتماعاتنا بالتّأكيد على المُؤكّد.!
والحال أنّ ما يجب استحضاره في حضرة الهمّ الزّراعي هو: إعادة النّظر في قوانين الاستثمار والبيئة التّشريعية الحاضنة للاستثمارات الزّراعيّة، تمهيداً للتّباهي بطرح شعار: (زُرع في سورية) كبصمة تسويقية، على التّوازي مع الحلول التّسكينية؛ كالزّراعات الأسريّة لرأب الصّدع الغذائي، وجسر الفجوة بين احتياجاتنا الأساسية وبين ناتجنا القومي من المحاصيل ولاسيّما الاستراتيجية منها؛ لتغدو الزّراعة إحدى أذرع إعادة الإعمار، ورافعةً عضويّة في دوران عجلة الإنتاج ..!
أيمن علي
aymanali66@hotmail.com