أمريكا تبدأ سحب قواتها من سورية.. وروسيا تبدي تفاؤلاً مشوباً بالحذر
أعلن البيت الأبيض أمس أن واشنطن بدأت سحب القوات الأمريكية الموجودة في سورية، معللاً قرار الانسحاب بأنه جاء بعد أن أنجز “التحالف” مهمته في القضاء على تنظيم داعش الإرهابي. رغم أن أفعال “التحالف” على الأرض تؤكد أنه كان داعماً رئيسياً للتنظيمات التكفيرية وعلى رأسها داعش، وتنحصر “إنجازاته” في ارتكاب مجازر بحق السوريين وتدمير البنى التحتية.
وفي أولى ردود الفعل أبدت روسيا تفاؤلاً مشوباً بالحذر، وفيما أكدت الخارجية الروسية بأنه يفتح آفاقاً للتسوية السياسية في سورية، حذر رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب (الدوما) الروسي فلاديمير شامانوف من الاسترخاء، وقال: إن الأمريكيين لا ينسحبون أبداً من مواقع سبق أن احتلوها، ويبتكرون حيلاً ما للبقاء. في وقت شدد الرئيس الإيراني حسن روحاني على أن مستقبل سورية يقرره شعبها.
وفي التفاصيل، قالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض: بدأنا إعادة القوات الأمريكية الموجودة في سورية إلى الوطن مع انتقالنا إلى المرحلة التالية من الحملة، في إشارة إلى حملة التحالف غير الشرعي الذي تقوده واشنطن وتزعم محاربة تنظيم داعش الإرهابي من خلاله. واعتبرت ساندرز أن ما سمته الانتصارات على تنظيم داعش في سورية لا تشير إلى نهاية التحالف أو حملته على حد تعبيرها.
بدورها قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” دانا وايت في بيان: بدأنا عملية إعادة القوات الأمريكية إلى الولايات المتحدة من سورية مع انتقالنا إلى المرحلة التالية من الحملة ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زعم أن السبب الوحيد لبقاء قوات بلاده في سورية هو هزيمة تنظيم داعش الإرهابي وأن هذا الهدف قد تم تحقيقه.
وادعى ترامب في تغريدة نشرها أمس على حسابه الرسمي في موقع تويتر: أن الولايات المتحدة هزمت تنظيم داعش الإرهابي في سورية زاعماً أن محاربة التنظيم كانت السبب الوحيد لاستمرار الوجود الأمريكي هناك خلال فترة رئاسته.
وكان ترامب أعلن أكثر من مرة عزمه سحب القوات الأمريكية من سورية وكان آخرها في نيسان الماضي وطلب من حلفائه دفع تكاليف بقاء قواته في حال أرادوا منه البقاء.
وكانت عدة وسائل إعلام أمريكية ذكرت أن واشنطن تستعد لسحب قواتها من سورية حيث نقلت شبكة (سي إن إن) عن مسؤول في وزارة الدفاع قوله: إن واشنطن تخطط لسحب كامل وسريع للقوات فيما أعلنت صحيفة (وول ستريت جورنال) أن الانسحاب سيكون من شمال شرق سورية.
كما نقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول أمريكي قوله إن الولايات المتحدة ستنسحب من كل الأراضي السورية وأن الانسحاب سيكون كاملاً وفي أسرع وقت، موضحاً أن القرار اتخذ أمس.
وطالبت سورية دائماً بخروج القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي السورية بشكل غير شرعي ودون موافقة الحكومة السورية، مؤكدة أن هذا الوجود عدوان واحتلال ينتهك ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة.
وفي أول تعليق على إعلان واشنطن بدء سحب قواتها من سورية، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الولايات المتحدة بدأت تدرك أن معارضتها الجهود التي تبذلها الدول الضامنة لعملية أستانا، روسيا وإيران وتركيا، في سورية تضر بالمصالح الأمريكية عينها، وقالت في بيان: إن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سورية يفتح آفاقا للتسوية السياسية في هذا البلد. وأعربت الوزارة عن قناعة موسكو بأن القرار الأمريكي سحب القوات سيؤثر إيجاباً على تشكيل لجنة مناقشة الدستور والوضع في التنف.
من جانبه حذر رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب (الدوما) الروسي، فلاديمير شامانوف، من “الاسترخاء” بعد القرار الأمريكي، وقال: هناك مثل يقول: نعيش أطول ونرى أكثر، وذلك أن الأمريكيين لا ينسحبون أبداً من مواقع سبق أن احتلوها، ويبتكرون حيلاً ما للبقاء. وذكّر البرلماني بأن لروسيا وحلفائها في تسوية النزاع في سوريا تجارب سابقة في هذا المجال، مشيراً إلى أنه من الناحية الجيوستراتيجية فإن خطط الولايات المتحدة والتحالف في سورية باءت بالفشل، مضيفاً إن واشنطن لجأت إلى هذه الحيلة، لتجنب نهاية مخزية. واستطرد قائلاً: لكن من وجهة النظر الأخلاقية العادية، فإنها خطوة حكيمة وجيدة لإعادة الوضع الطبيعي إلى هذا البلد الذي طالت معاناته. وختم شامانوف بالقول: دعونا نراقب هذا الوضع عن كثب ولا أنصح أحداً بالاسترخاء.
من جانبه رأى عضو لجنة الدفاع في مجلس الاتحاد الروسي فرانز كلينتسفيتش أن كلمات دونالد ترامب حول سحب القوات الأمريكية ينظر إليها بإيجابية ولكن بيانه قد يتحول إلى كذبة داهية. ومع اعتباره أن انسحاب القوات الأمريكية هو فأل خير تساءل كلينتسيفيتش هل ستتوقف أجهزة المخابرات الأمريكية عن توفير الدعم المادي والمالي لتنظيم داعش الإرهابي أم لا؟ هذا هو السؤال الآخر الأكثر خطورة.
في الأثناء، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن المحادثات الثلاثية بين الدول الضامنة لعملية أستانا في سورية، روسيا وإيران وتركيا، تشدد على أن مستقبل سورية يقرره الشعب السوري.
وقال روحاني في مؤتمر صحفي له اليوم أن: المحادثات الثلاثية تسعى إلى تحقيق هدفين أساسيين أحدهما هو تحقيق الأمن وعودة المهجرين السوريين إلى بلدهم والثاني مستقبل سورية يجب أن يقرره أبناؤها.
وكان البيان المشترك لاجتماع وزراء خارجية الدول الضامنة لعملية أستانا الذي تلاه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس في جنيف أكد أن الأطراف المعنية “اتفقت على بذل جهود تهدف إلى عقد أول جلسة للجنة مناقشة الدستور في جنيف مطلع العام المقبل” مشيرا إلى أن “ذلك سيسهم في بداية عملية سياسية تحت رعاية الأمم المتحدة”.