“بابا نويل” الذي نعرفه
في الحقيقة حتى “بابا نويل” في هذا العام أراد كسر روتينه المعتاد في الاحتفال بعيد الميلاد فاختار أن لا ينزل كما أخبرونا في طفولتنا من المدخنة ليترك هداياه ويرحل كما أتى “ع السكيت”، بل إنه غيّر العادات والتقاليد وهبط من فوق برج شاهق في برلين الألمانية وعلى مرأى من أعين الجميع ولاسيما الأطفال الذين تجمهروا ليروا هذا الهبوط التاريخي وينتظروا هداياه الجميلة، وعلى الرغم من أنها قد تكون خطوة محفزة وجميلة بقصد كسر الروتين والتغيير والتجديد الذي هو شيء إيجابي، ولكن الذي لا يعلمه هذا الـ “بابا نويل” أن بعض التقاليد مهما مر عليها من سنين تبقى هي الأجمل، والمحافظة على ماتتمتع به من “كلاسيكية” هي الأقرب إلى القلب، فبابا نويل الذي بدأت قصته مع القديس نيكولاس منذ القرن الخامس الميلادي والذي كان يقوم أثناء الليل وبكامل السرية بتوزيع الهدايا للفقراء والمحتاجين، ستبقى قصته بكل مايرافقها من تفاصيل سواء الرجل العجوز ذو الشعر الأبيض أو القبعة أو المدخنة أو الزي الملون بالأحمر والأبيض هي الأحلى، وستبقى راسخة ومطبوعة في الأذهان ولا أعتقد أن أحداً سيحبذ فكرة تغييرها، بالرغم من أن كل شيء في الحياة قابل للتغيير، إلا أنه ربما تكون هذه التفاصيل وحدها، ليست بحاجة إلى “حديث” فسر جماليتها هو بخصوصيتها وتفاصيلها هذه.
من أجل ذلك نحن نفضل “بابا نويل” الذي نعرفه واعتدنا عليه، تماماً كشجرة الميلاد التي تعتبر من أهم رموز عيد الميلاد وما هي إلا تذكيراً بشجرة الحياة ورمزاً للحياة والنور، ومهما حققت التكنولوجيا من إنجازات وبدائل ستبقى تلك الشجرة أعظم الاختراعات الإنسانية، ولن يتمكن أي اكتشاف أوتطور من صنع بسمة على الوجوه توازي ما تخلقه زينة الشوارع -المحتفية بالميلاد- في قلوب الناس من فرح وأمل، تماماً كشوارع “باب توما” التي ارتدت زينة الميلاد ناشرة الفرح في قلوب المارة والتي أصبحت في هذه الأيام المقصد الأول لجميع السوريين الذين يحتفون جميعاً بالميلاد دون استثناء، فهو ليس عيداً دينياً فقط بل له صبغة اجتماعية محببة أيضاً تنشر السلام بين الجميع وتدعو إلى التسامح بكل ما فيه من لمحات إنسانية وإيحاءات حياتية إيجابية، وبشارة لغد أجمل نتمنى ألا يقتصر فقط على إضاءة شجرة الميلاد والطرقات بل أيضاً على إضاءة القلوب بالمحبة.
لوردا فوزي