لعل القادم أفضل..!
ربما لم يعد أمام المواطن السوري في مفر الإستئناس بمقولة المسرحي السوري العالمي الراحل سعد الله ونوس “نحن محكومون بالأمل”، التي أطلقها على مسامع العالم خلال كلمة له تم إلقاؤها في جميع المسارح العالمية..!.
هذه العبارة تعبر بشكل أو بآخر عن إرادة تحتم علينا محاربة اليأس، وتنبئ بحتمية إشعاع نور قادم من نهاية نفق مظلم فيما لو استطعنا التغلب على حيثيات حالة سوداوية تجتاح كياننا..!.
لعله من المفيد أن نجعل من هذه المقولة أيقونة نستأنس بها في هذه المرحلة العصيبة بالذات التي يمر بها اقتصادنا الوطني وما انتابه من ارتكاسات أثرت على حياتنا المعيشية، وما تمخض عنها من تدني لمستوى الخدمات الحكومية، ما يعني ضرورة الإيمان بأن القادم أفضل، ولن يتأتى هذا الإيمان إلا بالقناعة بأن حالة الارتباك والتخبط التي نعيشها بدءاً من التضخم وانهيار الليرة وانتهاء بأزمة شح مواد المحروقات، ما هي سوى حالة عابرة في طريقها إلى الزوال فيما لو أحسنّا الاستفادة من مفرزاتها للمراحل القادمة..!
فالأمل لا يزال معقوداً على العمل باتجاه معرفة مواطن الخلل والفساد سواء الحكومي أم الشعبي، واجتثاثها من جذورها بأية وسيلة كانت، حتى ولو اعتمدنا في سبيل ذلك طُرقاً وأساليبَ قد يكون ظاهرها بعيداً عن منطق الأخلاق حسب قاموس البعض الذين يعتبرون الوشاية عن موظف فاسد عملاً مشيناً كونه يهدد مستقبله الوظيفي، جاهلين أو متجاهلين أن الأزمة ومفرزاتها أثبتت أن المتاجرة بقوت العباد أهم بكثير من مستقبل أي موظف كان مهما كبر أو صغر، تماماً مثلما أن ظفر أي مريض أهم من مستقبل أي طبيب يرتكب خطأ طبياً ولو كان لا يذكر في أوساط المجتمع الطبي.!
فبعد أن فقدنا الأمل ببرامج حكومتنا لإنقاذنا من جنون أسواقنا، فنحن محكمون بالأمل بإمكانياتنا، ولا نقصد بذلك أن ننظر فقط بعين التفاؤل لما هو آت، بل أن نقرن هذا التفاؤل بالعمل على استئصال كل مفصل حكومي وغير حكومي، تاجراً كان أم صناعياً، ساهم بتعكير صفائنا ولو قيد أنملة عبر ممارسات لم تستطع جهاتنا الحكومية قمعها إما لتواطئها أو لعجزها، وذلك عبر استنهاض إرادتنا وتغيير عاداتنا الاستهلاكية الدخيلة على مجتمعنا على أمل تخطي هذه المرحلة بأقل الخسائر..!
حسن النابلسي